عند طهي شرائح اللحم على الشواية فإنها تتحول إلى اللون البني وتصبح أكثر تماسكًا وتفوح منها رائحة شهية عند تمام النضج.. لكن ما الذي يحدث بالضبط للحوم لتتحول إلى هذه المراحل؟
يقول ويس أوسبورن، الأستاذ المساعد في علم اللحوم بجامعة تكساس إيه آند إم، لموقع لايف ساينس: “هناك العديد من العمليات التي تحدث وتمر عبر سلسلة معقدة للغاية من التفاعلات الكيميائية”.
تنقسم بروتينات اللحوم إلى 3 مجموعات رئيسية: اللييفات العضلية، وهي الأكثر وفرة، والبروتينات الساركوبلازمية، والأنسجة الضامة، بما في ذلك الكولاجين.
عند تسخين اللحوم، تنكسر الروابط داخل البروتينات في عملية تسمى تحلل البروتين، ما يتسبب في تفكك البروتينات وفقدان شكلها.
تبدأ بروتينات الميوفيبريلار في التحلل عند نحو 40 إلى 70 درجة مئوية، ومع استمرار تطبيق الحرارة، تتجدد هذه البروتينات وتشكل “هلامًا”، وهو شبكة بروتينية ثلاثية الأبعاد تحبس الماء وتتسبب في تماسك شريحة اللحم.
تسخين اللحوم أكثر من اللازم
إذا جرى تسخين اللحوم أكثر من اللازم، فإنها تصبح قاسية وجافة للغاية، ولكن الاستمرار في التسخين سيؤدي إلى تحلل المزيد من البروتينات ويؤدي إلى أن يصبح اللحم طريًا مرة أخرى.
عند تسخينه فوق 71 درجة مئوية لفترة طويلة، فإن الكولاجينات تشكل أيضًا هلامًا، ما يمنح اللحوم المطهية ببطء قوامها الحريري.
لكن ما يساعد في إعطاء اللحوم المطبوخة نكهتها المميزة اللذيذة والمكرملة هو سلسلة من التفاعلات الكيميائية المعروفة مجتمعة باسم تفاعل ميلارد، والتي تحدث عندما تتفاعل الأحماض الأمينية مع السكريات عند درجات حرارة أعلى من 141 درجة مئوية، يؤدي تفاعل ميلارد إلى ظهور مئات من مركبات النكهة والرائحة الجديدة، من حيث الرائحة وحدها، حدد الباحثون أكثر من 880 مركبًا في لحم البقر المطبوخ.
تغير لون اللحوم عند طهيها
في سلسلة أخرى من التفاعلات، يتغير لون اللحوم الحمراء بناءً على تحول بروتين يسمى الميوغلوبين، يظل الميوغلوبين سليمًا جزئيًا عندما يتم طهي اللحوم بدرجات أقل من النضج، ما يمنحها لونًا ورديًا أو أحمر، ولكن عند 77 درجة مئوية، يتغير لون البروتين تمامًا، ما يحول اللحم إلى اللون البني.
يقول صالح الغامدي، الأستاذ المساعد ورئيس قسم الهندسة الزراعية بجامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية، لموقع لايف ساينس، إن معدل ومدى التفاعلات الكيميائية التي تحدث في اللحوم يتغيران بناءً على طريقة الطهي وطول الطهي ودرجة الحرارة.
تعمل طرق الطهي بالحرارة الجافة -مثل التحمير أو التحميص أو الشواء- على تعزيز تفاعل ميلارد، تميل طرق الطهي بالحرارة الرطبة، مثل الطهي على نار هادئة أو الحساء، إلى إبطاء التفاعل أو إيقافه.
وأوضح الغامدي أن النكهة تتغير أيضًا بناءً على مجموعة متنوعة من العوامل الأخرى، بما في ذلك السلالة والجنس والنظام الغذائي والعمر، ويمكن لشيخوخة اللحوم أو إجهاد الحيوان عند الذبح، أن تؤثر على النكهة والطراوة أيضًا.
يعتمد الكثير من الأمر على تركيبة اللحوم، كما يقول أوزبورن.. “ما مقدار الدهون والماء والبروتين الموجود فيها؟ وما مقدار النسيج الضام الموجود فيها؟ وما هو الرقم الهيدروجيني؟ ثم، كيف تطبخ المنتج؟”
يعد فهم التفاعلات الكيميائية التي تحدث يمكن أن يساعد الطهاة في تحديد طريقة الطهي الأفضل لقطع معينة من اللحوم.
على سبيل المثال، يمكن طهي لحم البقر على نار هادئة وبطيئة باستخدام طريقة الطهي بالحرارة الرطبة، يأتي لحم البقر من كتف البقرة ويحتوي على الكثير من الكولاجين لأنه استُخدم بكثافة طوال حياة الحيوان.
يمكن طهي لحم الخاصرة، وهو عضلة طويلة ونحيفة من ظهر البقرة، بشكل أسرع باستخدام طريقة الطهي بالحرارة الجافة لتسهيل تفاعل ميلارد.