يوليو ٣, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
وسط تحذيرات من تسونامي.. أزمة البحر المتوسط تثير المخاوف

بينما يحذر العلماء من أزمة موثقة علميًا في البحر المتوسط تتمثل في ارتفاع غير مسبوق في درجة حرارة مياهه، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي مؤخرًا بموجة من القلق المبني على تحذيرات من موجة تسونامي محتملة. هذه الادعاءات، التي تنبأت بحدوث موجات تسونامي كارثية، وجهت الانتباه العام بعيدًا عن الخطر الحقيقي والمثبت علميًا، والمتمثل في موجات الحر البحرية، إلى تهديد وهمي لا يستند إلى أي أساس.

ويواجه حوض البحر المتوسط اليوم معركة على جبهتين: الأولى ضد المعلومات المضللة التي تبث الذعر، والثانية ضد واقع مناخي قاسٍ يتمثل في تزايد وتيرة وشدة موجات الحر البحرية، التي تحمل في طياتها عواقب وخيمة على النظم البيئية وأنماط الطقس من جنوب أوروبا إلى شمال أفريقيا.

ادعاءات التسونامي في البحر المتوسط

انطلقت موجة الذعر الأخيرة من مقطع فيديو متداول يظهر فيه شخص يزعم وجود ظواهر “غريبة” قبالة السواحل المصرية، مشيرًا إلى احتمالية وقوع زلزال أو انفجار بركاني قد يتسبب في تسونامي مدمر. وقد تصدى المعهد القومي لعلوم البحار والمحيطات في مصر لهذه الادعاءات بشكل حاسم، مصدرًا بيانًا رسميًا ينفيها بالكامل، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة “الأهرام” المصرية.

وأوضحت رئيسة المعهد، عبير منير، أن أجهزة الرصد المتخصصة لم تسجل أي نشاط غير طبيعي، في حين أكد الدكتور عمرو زكريا حمودة، رئيس مركز الحد من المخاطر البحرية، أن التغيرات في حركة الأمواج التي ظهرت في الفيديو ناتجة عن تيارات بحرية طبيعية يسببها ارتفاع الضغط الجوي. وشدد على حقيقة علمية ثابتة، وهي أن التسونامي لا ينتج إلا عن أحداث جيولوجية كبرى كالزلازل، وهو ما لم يتم رصده من قبل أي شبكة مراقبة محلية أو دولية في البحر المتوسط.

خطر التصاعد الحراري في مياه البحر المتوسط

الخطر الفعلي الذي يواجهه البحر المتوسط هو التصاعد الحراري المتسارع في مياهه. فقد تم تسجيل أعلى درجة حرارة لسطح مياهه على الإطلاق في شهر يونيو الماضي، حيث وصلت إلى 26.01 درجة مئوية في 29 يونيو. وتتجاوز الحرارة حاليًا المتوسط العام بثلاث درجات، وفي بعض المناطق الساحلية، خاصة في الحوض الغربي، تتجاوز الزيادة أربع درجات مئوية.

ويصنف البحر المتوسط عالميًا كـ”نقطة ساخنة لتغير المناخ”، حيث يسخن بوتيرة تفوق بكثير المتوسط العالمي. وقد أصبحت ظاهرة “موجات الحر البحرية” الآن أكثر شدة بعشر مرات وأطول بثلاث مرات مما كانت عليه في العصر ما قبل الصناعي، مما يعرض نظامه البيئي لضغط هائل.

ويحذر علماء الأحياء البحرية من أن هذا الارتفاع الحراري يلحق أضرارًا كارثية بالحياة البحرية في البحر المتوسط. فالمياه الأكثر دفئًا تحتوي على كميات أقل من الأكسجين، مما يؤدي إلى حوادث نفوق جماعي للأسماك، كتلك التي شهدتها توسكانا في 2024. كما أدت موجات الحر السابقة إلى تدمير النظم البيئية الحساسة، من خلال القضاء على مساحات شاسعة من الأعشاب البحرية، والتسبب في هلاك أعداد هائلة من اللافقاريات، وتفشي الأمراض في مزارع المحار.

وقد وصلت الأضرار إلى مستويات حرجة، حيث أدت بالفعل إلى تدهور أعداد الشعاب المرجانية بنسبة 90%، ووضعت كائنات فريدة مثل “بلح البحر المروحي النبيل” على شفا الانقراض. كما أن هجرة الأسماك إلى أعماق أبرد هربًا من الحرارة السطحية، تحرم الطيور البحرية من مصدر غذائها، مما يؤدي إلى موتها بأعداد كبيرة.

دور البحر المتوسط في تغذية الطقس المتطرف

لا تقتصر تداعيات سخونة مياه البحر المتوسط على ما يحدث تحت سطحه، بل تمتد لتؤثر بشكل مباشر ومدمر على اليابسة. تعمل البحار الدافئة كوقود هائل للطاقة، مما يغذي العواصف والظواهر الجوية ويجعلها أكثر تطرفًا. وقد ربط العلماء بشكل مباشر بين ارتفاع حرارة سطح البحر المتوسط وعاصفة “دانيال” المدمرة في 2023، مشيرين إلى أن احتمالية حدوثها تضاعفت 50 مرة وزادت شدتها بنسبة 50% بسبب هذه الحرارة. كما تم إرجاع الفيضانات المميتة في فالنسيا عام 2024 جزئيًا إلى نفس العامل.

ويجمع المجتمع العلمي على أن الحل الوحيد لوقف هذا التدهور الخطير هو التخفيض السريع والجذري للانبعاثات العالمية. فبدون إجراءات حاسمة، قد يتغير طابع البحر المتوسط البيولوجي والمناخي إلى الأبد، مما يثبت أن الموجة الأخطر ليست تسونامي مفاجئ، بل هي موجة الحرارة الصامتة والمتصاعدة.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

إنفوجرافيك| خريطة الفقر العالمي: أكثر الدول فقرًا 2025

المقالة التالية

إنفوجرافيك| آن دوانغ.. مهندسة القنابل الأمريكية التي لعبت دورًا في حرب إيران