تشهد الساحة السياسية تحركات مثيرة للجدل بعد كشف مصادر مطلعة عن محادثات بين إسرائيل وجنوب السودان لبحث إمكانية تهجير سكان غزة إلى الدولة الإفريقية التي تعاني من أزمات وصراعات داخلية، وهو ما يدا أن رئيس الوزراء نتنياهو لم يتخلى عن فكرة إخلاء القطاع بحجة محاربة حماس والقضاء عليها.
أفادت وكالة “أسوشيتد برس” بأن ستة مصادر مطلعة أكدت وجود محادثات فعلية بين الجانبين، دون وضوح مدى تقدمها حتى الآن، وفي حال تنفيذها، سيعني ذلك نقل سكان من منطقة مدمرة بفعل الحرب في غزة إلى بلد آخر يعاني بدوره من خطر المجاعة وانعدام الاستقرار، ما يثير مخاوف واسعة بشأن تداعيات حقوق الإنسان.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث في مقابلة تلفزيونية عن السماح للسكان بالمغادرة قبل شن هجوم كامل على من تبقى، لكنه لم يذكر جنوب السودان تحديداً، ومع ذلك، تُشير مصادر إلى أن الدولة الإفريقية قد تكون إحدى الوجهات المستهدفة ضمن خطة أوسع لإتمام تهجير سكان غزة.
ترفض الفصائل الفلسطينية، ومنظمات حقوق الإنسان، ومعظم دول العالم، هذه الخطط باعتبارها خرقاً للقانون الدولي، ووسيلة لفرض واقع جديد على الأرض.
ويرى الفلسطينيون أن أي مشروع لإعادة توطين خارج غزة هو محاولة لطمس حق العودة، ويصب في مصلحة أطراف تدعو صراحة لإعادة المستوطنات الإسرائيلية إلى القطاع ضمن سياسة تهجير الفلسطينيين الممنهج.
بالنسبة لجنوب السودان، قد تمنحه هذه الصفقة فرصة لتعزيز علاقاته مع إسرائيل، والحصول على دعم مالي وسياسي، كما قد تفتح له نافذة للتقارب مع الولايات المتحدة، خاصة مع وجود رغبة لدى جوبا في رفع حظر السفر والعقوبات عن بعض مسؤوليها.
صحفيون وخبراء أشاروا إلى أن جنوب السودان يعاني من أزمة سيولة حادة، ويبحث عن أي تحالف يحقق مكاسب اقتصادية أو دبلوماسية، حتى وإن كان الثمن المشاركة في خطة أثارت انتقادات دولية واسعة بسبب شبهة تهجير سكان غزة.
أبدت مصر معارضة شديدة لأي محاولة لتهجير سكان غزة، معتبرة أن ذلك يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي، وكشفت مصادر دبلوماسية أن القاهرة تضغط على جنوب السودان لرفض الفكرة، محذرة من تداعيات إنسانية وأمنية خطيرة.
هذه المعارضة ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن رفضت مصر ومعظم دول الجوار المشاركة في خطط مشابهة، معتبرة أن أي شكل من أشكال تهجير سكان غزة يهدد استقرار المنطقة.
على الرغم من امتلاك جنوب السودان ثروات نفطية، إلا أنه من أكثر الدول اضطراباً في العالم، حيث لا يزال يعاني آثار حرب أهلية أودت بحياة قرابة 400 ألف شخص، وأدخلت مناطق عدة في مجاعة خانقة، حيث يعتمد هذا البلد على المساعدات الدولية لإطعام نحو 11 مليون نسمة، في وقت تراجعت فيه المساعدات الخارجية بشكل كبير.
ويرى مراقبون أن نقل سكان من غزة إلى بيئة غير مستقرة كهذه قد يزيد معاناتهم، ويجعلهم عرضة لصراعات محلية قد تحمل أبعاداً دينية وعرقية، خصوصاً أن الحرب الأهلية السابقة في جنوب السودان ارتبطت بانقسامات بين الشمال العربي المسلم والجنوب المسيحي والروحاني.
الفلسطينيون الذين يفكرون في مغادرة غزة بسبب الحرب أو نقص الغذاء، يخشون أن تتحول الهجرة المؤقتة إلى دائمة، وأن تمنعهم إسرائيل من العودة نهائياً، ويؤكدون أن هذا السيناريو يخدم أهداف أطراف إسرائيلية يمينية تدعو علناً إلى ضم القطاع، في إطار سياسة أوسع لفرض تهجير الفلسطينيين وتغيير التركيبة السكانية.
وفي السياق ذاته دعا نشطاء في منظمات المجتمع المدني بجنوب السودان حكومتهم لعدم قبول استقبال الفلسطينيين دون وضوح خطة الإقامة ومدتها، محذرين من أن يصبح البلد ساحة لتصفية الحسابات السياسية، وأكدوا أن التاريخ المعقد بين بعض مكونات المجتمع الجنوبي والعالم العربي قد يزيد احتمالية التوتر في حال تنفيذ خطة تهجير الفلسطينيين.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
“إسرائيل الكبرى”.. أيديولوجية نتنياهو التي تشعل الصراع من غزة إلى دمشق