تتجه أنظار العالم هذا الأسبوع إلى أنكوراج، ألاسكا، حيث من المقرر أن تُعقد قمة بوتين وترامب يوم الجمعة، في اجتماع يُحتمل أن يكون الأكثر مشاهدة بين واشنطن وموسكو منذ عقود، وقد يحدد مسار الحرب في أوكرانيا. ورغم الآمال المعقودة على هذا اللقاء، إلا أن التوقعات المتباينة بشكل كبير بين الأطراف الثلاثة الرئيسية – الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا – تجعل نتائجه محفوفة بالغموض والمخاطر. فبينما يصف البيت الأبيض اللقاء بأنه “تمرين استماع”، تأتي روسيا بأجندة مطالب واسعة، وتراقب أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بقلق بالغ.
أكد البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب لا يدخل هذه القمة بهدف إجراء مفاوضات عالية المخاطر، بل يعتبرها “تمرين استماع” للحصول على “فهم أكثر ثباتًا” لكيفية إنهاء الحرب. ويرى ترامب، بحسب مصادر في إدارته، أن النظر في عيني بوتين وتقييمه وجهًا لوجه هو أفضل مؤشر لمعرفة ما إذا كان الزعيم الروسي جادًا بشأن السلام أم أنه “يستغله”، على حد تعبيره.
ورغم أن إنهاء الحرب يمثل أحد أبرز وعود ترامب الانتخابية، إلا أنه حاول تخفيف التوقعات، واصفًا اجتماعًا تمهيديًا سابقًا بأنه خطوة أولية، مما يشير إلى أن قمة بوتين وترامب قد لا تسفر عن اتفاق فوري. ومع ذلك، لا يزال ترامب متفائلاً، حيث صرح الأسبوع الماضي: “أعتقد أن غريزتي تخبرني حقًا أن لدينا فرصة لتحقيق ذلك”.
على النقيض من ذلك، ترى موسكو في قمة بوتين وترامب فرصة رئيسية لتحقيق أهدافها. ورغم عدم الإعلان عن مطالب رسمية، يُعتقد أن بوتين سيطرح شروطه التي لم تتغير كثيرًا منذ بداية الحرب، وهي اعتراف أوكرانيا والولايات المتحدة رسميًا بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك كأراضٍ روسية (بما في ذلك الأجزاء التي لا تسيطر عليها)، وتجميد خطوط المواجهة الحالية، وتعهد أوكرانيا بعدم الانضمام إلى الناتو، ووقف شحنات الأسلحة الغربية.
بالإضافة إلى الملف الأوكراني، تأمل روسيا أن تمثل قمة بوتين وترامب خطوة نحو “تطبيع العلاقات الثنائية”، حيث ترغب في مناقشة قضايا مثل فتح المجال الجوي في ألاسكا أمام الطيران الروسي والتعاون الاقتصادي في القطب الشمالي. وقد عززت روسيا من موقفها التفاوضي عسكريًا، حيث حققت قواتها تقدمًا مفاجئًا مؤخرًا بالقرب من بلدة دوبروبيليا، وهو ما يراه زيلينسكي تكتيكًا لخلق “مساحة معلوماتية” من القوة قبل القمة.
في كييف، يسود التفاؤل الحذر الممزوج بالقلق الشديد. فالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون يخشون من أن تصريحات ترامب السابقة حول “تبادل بعض الأراضي” قد تترجم إلى صفقة تسمح لروسيا بإعادة رسم حدود أوكرانيا بالقوة، خاصة وأن روسيا تسيطر حاليًا على ما يقرب من 20% من الأراضي الأوكرانية.
ولهذا السبب، ينضم زيلينسكي إلى الزعماء الأوروبيين في محادثات للضغط على ترامب قبل قمة بوتين وترامب، للتأكيد على مبدأ “لا قرارات حول أوكرانيا بدون أوكرانيا”. وقد أكد زيلينسكي أن أي تنازل عن الأراضي سيكون بمثابة “نقطة انطلاق لهجمات مستقبلية”، وأن أي اتفاقات تُبرم دون مشاركة كييف ستكون “قرارات ميتة”. كما أصر على أن أي اتفاق سلام نهائي يجب أن يتضمن ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، مثل عضوية الناتو أو الحصول على أسلحة نووية.
اقرأ أيضًا:
زيلينسكي يكشف عن شروط بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا
زيلينسكي يرفض قمة “ترامب وبوتين” ويعتبرها تهميشًا لأوكرانيا
لقاء ترامب وبوتين يلوح في الأفق وسط جهود إنهاء الحرب الأوكرانية