يواجه ميناء إيلات، البوابة البحرية الجنوبية لإسرائيل (الأراضي المحتلة في فلسطين)، عاصفة مالية وأمنية تهدد بوجوده، حيث من المقرر أن تتوقف عملياته بالكامل يوم الأحد المقبل. هذا الوضع الحرج جاء نتيجة لتراكم ديون ضريبية ضخمة، وانهيار شبه كامل في النشاط التجاري بسبب التهديدات في البحر الأحمر، مما يضع أحد الأصول الاستراتيجية لإسرائيل على شفا الانهيار.
وقد دقت هيئة الطوارئ الوطنية في إسرائيل ناقوس الخطر، محذرة من أن هذا الإغلاق يهدد بتداعيات أمنية واقتصادية خطيرة، بينما تسعى وزارة النقل لعقد اجتماع طارئ في محاولة أخيرة لتجنب هذا المصير.
تعود الأزمة بشكل أساسي إلى الشلل الذي أصاب النشاط التجاري في ميناء إيلات منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر وتهديدات الحوثيين لحركة الملاحة. وتكشف الأرقام حجم الكارثة الاقتصادية التي حلت بالميناء، الذي كان متخصصًا في استيراد 50% من سيارات إسرائيل. فبعد أن استقبل أكثر من 134 سفينة في عام 2023، لم تزره سوى 16 سفينة في عام 2024، وتوقف تفريغ السيارات بالكامل.
ونتيجة لذلك، انهارت إيرادات ميناء إيلات بنسبة 80%، حيث هوت من 212 مليون شيكل في 2023 إلى 42 مليون شيكل فقط في 2024، مما أفقده القدرة على الوفاء بالتزاماته المالية.
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير هي تراكم الديون الضريبية المستحقة على ميناء إيلات لصالح بلدية إيلات، والتي تقدر بما يتراوح بين 600 ألف و700 ألف شيكل شهريًا. ومع عجز الميناء عن السداد، قامت البلدية بفرض حجز على جميع حساباته المصرفية، وهي الخطوة التي شلت قدرته على مواصلة أي نشاط، ودفعت هيئة الموانئ للإعلان عن الإغلاق الوشيك.
لا يتسبب توقف العمل في ميناء إيلات في أزمة لشركة خاصة فقط، بل “ضربة قوية” لأمن واقتصاد إسرائيل. فقد حذرت هيئة الطوارئ الوطنية من أن الإغلاق سيؤدي إلى وقف الدعم اللوجستي الذي يقدمه الميناء للبحرية الإسرائيلية في مسرح عمليات البحر الأحمر، كما سيؤدي إلى توقف تصدير مادة البوتاس من مصانع شركة “إسرائيل للكيماويات”، والتأثير سلبًا على ميناء شركة خط أنابيب أوروبا وآسيا (EAPC). وعلى المدى الطويل، يهدد الإغلاق بتضرر معدات الميناء مثل الرافعات والأنظمة الكهربائية.
وفي خضم الأزمة، يدور جدل حول الجهة المسؤولة عن إنقاذ ميناء إيلات. فالحكومة الإسرائيلية ترى أنها قدمت مساعدات كافية، بما في ذلك خطة تعويضات بقيمة 15 مليون شيكل وضمان حكومي لقرض. وتنتقد الحكومة المالكين الخاصين للميناء (الأخوين نكاش)، مشيرة إلى أنهم سحبوا أرباحًا بقيمة 162 مليون شيكل خلال السنوات التي سبقت الحرب، وأنه يتوجب عليهم الآن “إخراج الأموال من جيوبهم” لدعم الميناء في أوقاته الصعبة.