يوليو ٨, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
بعد انتحاره.. كل ما تريد معرفته عن السياسي الفرنسي أوليفييه مارليكس؟

في مساء الاثنين، السابع من يوليو، خيّم الصمت على أروقة الجمعية الوطنية الفرنسية، ليس نتيجة جدل سياسي، وإنما بسبب خبر صادم: العثور على جثة النائب أوليفييه مارليكس في منزله بمدينة «آنيه».

وفق ما أوردته وسائل إعلام فرنسية، يُرجّح أن الوفاة كانت نتيجة انتحار شنقًا، فيما فُتح تحقيق رسمي لتحديد الأسباب الدقيقة، ويُنتظر أن تُجرى عملية تشريح الجثة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نعاه بكلمات حزينة، واصفًا إياه بأنه «سياسي ملتزم، دافع عن أفكاره بقناعة». لكنّ خلف هذا الرثاء الرسمي، تلوح أسئلة أكبر من مجرد موت فردي: ماذا يخبرنا رحيل مارليكس، بهذه الطريقة تحديدًا، عن فرنسا اليوم؟ وعن الطبقة السياسية التي تمزّقها الاستقطابات؟

من أوليفييه مارليكس؟

لم يكن أوليفييه مارليكس وجهًا عابرًا في السياسة الفرنسية، فالجمهوري الذي وُلد عام 1971 في ضواحي باريس، سار على خطى والده، الوزير السابق آلان مارليكس، في العمل العام.

درس في «معهد العلوم السياسية» ثم «جامعة كليرمون-فيران»، قبل أن يخوض الحياة السياسية من بوابة المحليات، حيث تولّى رئاسة بلدية «آنيه» عام 2008، ثم انتُخب نائبًا عن الدائرة الثانية في إقليم «يور إت لوار» عام 2012، وهو المنصب الذي حافظ عليه حتى وفاته.

تميّز مشواره البرلماني بالثبات داخل المعسكر المحافظ، إذ كان من الأوفياء لحزب «الجمهوريون»، بل ترأس كتلتهم النيابية بين 2022 و2024. لكنه لم يكن مجرد إداري حذر، بل سياسي صدامي، لم يتردّد في انتقاد الرئيس ماكرون، واتهامه صراحة بـ«تسليم مفاتيح الإليزيه لمارين لوبان».

ماذا كان يمثّل مارليكس في المشهد الفرنسي؟

ربما لم يكن مارليكس زعيمًا شعبويًا من طراز لوبان، ولا تكنوقراطًا ليبراليًا كإيمانويل ماكرون. لكنه مثّل، بالنسبة لكثير من المحافظين الفرنسيين، ذلك الصوت «العاقل» الذي لا يخجل من الحدة حين تستدعيها اللحظة.

في فبراير الماضي، وعبر لقاء مطول ضمن نادي «الهيميسايكل»، وجّه مارليكس انتقادات حادة لحكومة جابرييل أتال، ساخرًا من أن «رئيس الوزراء يبدو كمن يكتشف مشاكل البلاد للتو». وسخر كذلك من رفيقته السابقة في الحزب، راشيدا داتي، بعد انضمامها لحكومة ماكرون، واصفًا إياها بأنها «سيدة باريس ماتش»، في إشارة تهكمية لاهتمامها بالإطلالات أكثر من السياسات.

ولعل هذه النبرة الهجومية لم تكن فقط من أجل تسجيل نقاط، بل تعبير عن قناعة عميقة لديه بأن النظام السياسي الفرنسي بات يلعب بالنار، حين يسعى ماكرون «لقتل الجمهوريين» بما يفتح الطريق لصعود اليمين المتطرف.

كيف نظر إلى العمل السياسي والاجتماعي؟

بعيدًا عن المعارك الكبرى، كان مارليكس أيضًا مهتمًا بقضايا تمس الحياة اليومية للفرنسيين. في مايو الماضي، قدّم مقترحًا تشريعيًا يهدف للسماح بفتح بعض المحال التجارية -مثل المخابز ومحال الزهور- يوم الأول من مايو، وهو يوم عطلة مدفوعة في فرنسا.

«الوضع الحالي عبثي»، قال في تصريح برلماني، مضيفًا: «البائعون غير النظاميين يملأون الشوارع بالمبيعات، بينما يُمنع أصحاب المتاجر الصغيرة من تشغيل موظفيهم رغم الطابع الحيوي لنشاطهم». وقدّم حلًا تنظيميًا يتمثل في أن يُصدر مرسوم حكومي لتحديد الأنشطة المسموح لها بالعمل في هذا اليوم، حماية للمهنيين وحقوق الموظفين على حد سواء.

لم يكن ذلك مجرّد نقاش موسمي، بل انعكاس لرؤية مارليكس حول دور الدولة: أن تُشرّع بواقعية، لا أن تختبئ خلف تعقيدات قانونية تضر بالاقتصاد المحلي.

هل كان يعاني ضغوطًا سياسية أم شخصية؟

رغم ظهوره العلني المتكرر، لم يكن مارليكس كثير الإفصاح عن حياته الخاصة، فإن وتيرة الاستقطاب السياسي، والضغوط الداخلية داخل حزب الجمهوريين، واحتدام الصراعات حول مستقبل اليمين في فرنسا، كلها عوامل يُحتمل أنها تركت أثرها عليه.

عام 2022، دعم إيريك سيوتي لرئاسة الحزب، لكنه عاد لاحقًا للمطالبة باستقالته عندما اقتربت أصوات داخل الحزب من التعاون مع اليمين المتطرف. التناقضات داخل الحزب، والصراعات على قيادة المعارضة، ربما جعلت من مارليكس، الذي قضى 13 عامًا في البرلمان، يشعر أن الأرض تتآكل تحت قدميه.

ما الذي يعنيه رحيله بالنسبة لفرنسا؟

في بلد يعاني أزمة ثقة عميقة بين المواطن والسياسي، يأتي موت مارليكس كمفاجأة تثير القلق. لا سيما أن الشخص الذي رحل لم يكن هاويًا أو عابرًا، بل برلمانيًا مخضرمًا قضى نصف عمره في الحياة العامة، وكان حاضرًا في لحظات مفصلية من مسار اليمين الفرنسي.

وتطرح وفاته المفاجئة والمؤلمة تساؤلات تتجاوز شخصه: عن هشاشة الحياة السياسية، عن ثقل الضغوط النفسية في عالم السياسة، وعن مستقبل التيارات المحافظة في فرنسا إذا فقدت أصواتها الأكثر وعيًا بالمخاطر.

اقرأ أيضًا:

الاحتلال يكشف كواليس جديدة لقرار الحرب على إيران

إنفوجرافيك| حرب منسية.. انتهاكات إسرائيل في الضفة الغربية

بعد اعتزام شطبها من قوائم الإرهاب.. تاريخ هيئة تحرير الشام

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

إنفوجرافيك| كلمات المرور الأكثر شيوعًا في العالم

المقالة التالية

موعد مباراة ريال مدريد وباريس سان جيرمان والقنوات الناقلة والتشكيل المتوقع