يوليو ٤, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
كيف تعزز منظومة “ثاد” الدفاع في المملكة؟

أعلنت قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي عن دخول أول سرية من منظومة ثاد الأمريكية للدفاع الصاروخي إلى الخدمة الرسمية، وذلك في حفل أُقيم بمعهد قوات الدفاع الجوي في جدة يوم الأربعاء. وتمثل هذه الخطوة، التي جاءت بعد استكمال كافة الاختبارات والتدريبات لمنسوبيها داخل المملكة، تتويجًا لجهود استمرت لسنوات، وتعتبر نقلة استراتيجية تعزز من القدرات الدفاعية للسعودية بشكل غير مسبوق، خاصة في مواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية.

ويأتي تفعيل منظومة ثاد كجزء من صفقة أبرمتها المملكة مع الولايات المتحدة في عام 2018 بقيمة 15 مليار دولار، وتشمل 7 بطاريات تحتوي على 44 قاذفة و360 صاروخًا و7 رادارات متطورة. إن بدء التشغيل الرسمي لهذه المنظومة لا يمثل فقط إضافة عسكرية، بل يعكس تحولًا عميقًا في استراتيجية السعودية الدفاعية، التي ترتكز بشكل متزايد على التوطين والاعتماد على الكفاءات الوطنية.

أهمية منظومة “ثاد” الدفاعية للمملكة

تكمن الأهمية القصوى لـمنظومة ثاد في قدرتها على اعتراض الصواريخ الباليستية في مرحلتها النهائية وقبل دخولها الغلاف الجوي، مما يوفر طبقة دفاعية عليا لم تكن موجودة بنفس الكفاءة من قبل. ووفقًا للدكتور أحمد الشهري، رئيس منتدى الخبرة السعودي، فإن هذا التدشين يعني أن أجواء المملكة بالكامل أصبحت الآن محمية بقوة دفاعية متكاملة. وأوضح الشهري أن السعودية تمتلك بالفعل منظومات دفاعية فعالة للصواريخ العادية غير الباليستية، لكن منظومة ثاد جاءت لتكمل هذه الشبكة وتوفر حماية ضد التهديدات القادمة من خارج الغلاف الجوي.

وبهذه الخطوة، تنضم السعودية إلى نادٍ حصري من الدول التي تمتلك هذه التقنية المتقدمة، والذي يضم خمس دول فقط في العالم هي الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان، والإمارات. وهذا التصنيف يعكس المستوى المتقدم الذي وصلت إليه القدرات الدفاعية للمملكة، بحسب حديث الشهري هلال استضفته في برنامج “هنا الرياض” المذاع على قناة الإخبارية.

توطين منظومة ثاد.. من التشغيل إلى التصنيع المحلي

أحد أبرز الجوانب الاستراتيجية في هذا المشروع هو الاعتماد الكامل على الكفاءات السعودية في تشغيله. فقد أكد الدكتور الشهري أن تشغيل منظومة ثاد يتم بالكامل من خلال “شباب السعودية”، وهو ما يمثل نقلة نوعية مقارنة بالسنوات الماضية التي كانت تعتمد فيها المملكة على التشغيل والتدريب الخارجي.

وتابع الشهري “يأتي هذا التوجه متماشيًا مع رؤية المملكة 2030، التي تؤكد أن التشغيل والتصنيع والتدريب في القطاعات العسكرية يجب أن يكون سعوديًا. ويرتبط هذا القرار بدرس استراتيجي تعلمته السعودية في الماضي، عندما قامت الولايات المتحدة بسحب بطاريات باتريوت، مما عزز من قناعة القيادة بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم تأثر المنظومات الدفاعية بالتقلبات الجيوسياسية”.

واستكمل: “لم يقتصر التوطين على التشغيل فقط، بل يمتد ليشمل التصنيع. فقد نصت اتفاقية شراء منظومة ثاد في عام 2018 على أن يتم تصنيع أجزاء من المنظومة داخل المملكة، وهي خطوة تهدف إلى بناء قاعدة صناعية عسكرية محلية ونقل التقنية المتقدمة”.

البعد الإقليمي لتفعيل منظومة ثاد في السعودية

وأشار الدكتور الشهري إلى أن امتلاك السعودية لـمنظومة ثاد لا يعزز أمنها الوطني فحسب، بل يفتح الباب أمام تكامل دفاعي إقليمي أوسع، وأن الميزة التقنية لهذه المنظومة تتيح إمكانية التشارك وتبادل البيانات مع الدول الأخرى التي تمتلكها، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا الأمر قد يمهد الطريق لتشكيل منظومة دفاع جوي خليجية موحدة ومتكاملة في مواجهة التهديدات المشتركة. وفي المستقبل، يمكن أن يتوسع هذا التعاون ليشمل المنطقة العربية بشكل أوسع، مما يجعل من تفعيل منظومة ثاد في السعودية خطوة ذات أبعاد استراتيجية تتجاوز حدود المملكة.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

بعد إطلاقها.. ماذا تعني الهوية البصرية الجديدة لسوريا؟

المقالة التالية

الهيميفوسوم: اكتشاف حيوي لافت في الخلايا البشرية