أعلنت شركة تسلا، عن تراجع في تسليماتها للربع الثاني من عام 2025 بنسبة 14% على أساس سنوي، لتصل إلى 384,122 مركبة. ورغم أن هذا الرقم يمثل ثاني تراجع فصلي على التوالي في الأداء السنوي، إلا أن سهم تسلا شهد ارتفاعًا في الأسواق بنحو 5%، حيث جاءت الأرقام أفضل من التوقعات المنخفضة التي سادت بين العديد من المحللين والمستثمرين.
ويسلط هذا التباين بين الأداء الفعلي ورد فعل السوق الضوء على المرحلة المعقدة التي تمر بها شركة تسلا، والتي تواجه مزيجًا من التحديات تشمل المنافسة الشرسة، والجدل السياسي المحيط برئيسها التنفيذي إيلون ماسك، بالإضافة إلى دورة تحديث منتجاتها. ويترقب المستثمرون الآن المؤتمر الهاتفي للنتائج المالية في 23 يوليو للحصول على رؤية أوضح حول مستقبل تسلا.
وفقًا للبيانات الرسمية، بلغ إجمالي إنتاج تسلا خلال الربع الثاني 410,244 مركبة، بينما بلغ عدد المركبات التي تم تسليمها للعملاء 384,122. ويمثل هذا انخفاضًا واضحًا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، التي شهدت تسليم 443,956 سيارة. ويُعد هذا الانخفاض هو الثاني على التوالي، حيث شهد الربع الأول من العام أيضًا تراجعًا بنسبة 13% على أساس سنوي.
ولم تفصّل تسلا الأرقام حسب الطراز أو المنطقة، لكنها أوضحت أن الجزء الأكبر من الإنتاج والتسليم يعود لطرازيها الأكثر شعبية، Model 3 و Model Y، حيث تم إنتاج 396,835 سيارة وتسليم 373,728 سيارة منهما. أما الطرازات الأخرى، بما في ذلك شاحنة “سايبرترك” الفولاذية، فقد تم تسليم 10,394 وحدة منها، وهي الشاحنة التي واجهت ثماني عمليات استدعاء منذ بدء شحنها في نوفمبر 2023.
وعلى الرغم من أن أرقام التسليم جاءت أقل من متوسط توقعات وول ستريت البالغ 387 ألف سيارة، إلا أنها تجاوزت التوقعات “المتشائمة” التي كانت أقل بكثير. فقد توقع باحثون مستقلون ومتداولون في أسواق التنبؤات أرقامًا تتراوح بين 356 ألف و364 ألف سيارة فقط. لذلك، جاء الرقم الفعلي البالغ 384 ألف سيارة بمثابة مفاجأة إيجابية، مما أدى إلى ارتفاع السهم.
وقد علق جين مونستر، الشريك الإداري في “ديب ووتر لإدارة الأصول”، بأن التقرير جاء أعلى بنسبة 4% من الرقم “المتوقع” في السوق، معتبرًا أن الربع الثاني قد يمثل “أدنى مستوى” لـ تسلا، مما يفتح الباب أمام إمكانية التحسن في المستقبل. هذا التفاؤل الحذر هو ما يفسر رد فعل السوق الإيجابي، على الرغم من أن سهم تسلا لا يزال منخفضًا بنحو 22% منذ بداية العام.
يعود تراجع أداء شركة تسلا إلى مجموعة من العوامل المعقدة. أولها المنافسة الشرسة، خاصة من شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية التي تقدم طرازات أحدث وأقل تكلفة، مما يضع ضغطًا على سعر تسلا ومكانتها في السوق.
العامل الثاني هو الجدل السياسي المحيط بالرئيس التنفيذي إيلون ماسك. فبعد أن كان أكبر داعم مالي للرئيس دونالد ترامب في انتخابات العام الماضي، دخل ماسك مؤخرًا في خلاف علني معه بسبب حزمة الإنفاق الحكومي الجديدة. هذا الخلاف، بالإضافة إلى مواقف ماسك السياسية الأخرى، أدى إلى ردود فعل سلبية وحملات احتجاجية ضد تسلا، مما يؤثر على سمعة الشركة ومبيعاتها. فكل سيارة تسلا أصبحت مرتبطة بشكل أو بآخر بصورة رئيسها التنفيذي.
كما أن مشروع قانون ترامب نفسه قد يضر بأعمال تسلا، حيث تشير التقديرات إلى أنه قد يخفض مبيعات كل سيارة تسلا كهربائية بما يصل إلى 100 ألف مركبة سنويًا بحلول عام 2035. وفي ظل هذه الظروف، يواجه مستقبل كل سيارة تسلا وكل سيارة تسلا الكهربائية تحديات كبيرة، ويبقى السؤال حول قدرة الشركة على تجاوز هذه العاصفة من المنافسة والسياسة. إن ارتفاع سعر تسلا بعد هذه الأرقام قد يكون مؤقتًا، في حين أن التحديات الأساسية لا تزال قائمة، ويبقى الحكم النهائي للمستثمرين بعد إعلان النتائج المالية الكاملة.