على الرغم من التوجه العالمي نحو الطاقات المتجددة، لا يزال النفط الخام يمثل شريان الحياة للاقتصاد العالمي، وتتركز القوة الحقيقية في هذا القطاع في أيدي عدد محدود من الدول التي تجلس على أكبر احتياطيات النفط المؤكدة في العالم. وتُظهر أحدث البيانات أن أكبر 10 دول في العالم تمتلك مجتمعة 1.5 تريليون برميل من احتياطيات النفط المؤكدة، لكن امتلاك هذه الثروة لا يترجم دائمًا إلى ازدهار اقتصادي أو نفوذ سياسي، حيث تلعب عوامل مثل العقوبات والقدرة على الإنتاج دورًا حاسمًا في تحديد القيمة الفعلية لهذه الموارد.
وفقًا للبيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية حتى ديسمبر 2023، تحتل فنزويلا المرتبة الأولى عالميًا، حيث تمتلك أكبر احتياطيات النفط المؤكدة بإجمالي 303 مليار برميل. ورغم هذه الثروة الهائلة، التي تم اكتشافها في عشرينيات القرن الماضي، إلا أن اقتصاد البلاد يعاني من دمار شبه كامل بسبب التضخم المفرط والعقوبات الأمريكية، مما أدى إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير.
وفي المقابل، تأتي المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية عالميًا باحتياطيات تبلغ 267 مليار برميل. لكن على عكس فنزويلا، تتمتع المملكة بقدرة إنتاجية هائلة، حيث ضخت أكثر من 11 مليون برميل من النفط الخام يوميًا في عام 2023، وهو ما يمثل حوالي 10% من الإنتاج العالمي. وبفضل تكاليف الإنتاج المنخفضة، من المتوقع أن تحقق المملكة التعادل في ميزانيتها عند سعر 35 دولارًا للبرميل، مما يمنحها مرونة مالية كبيرة.
وتحتل إيران المرتبة الثالثة في قائمة أكبر احتياطيات النفط، حيث تبلغ 209 مليارات برميل، وقد بلغت صادراتها من النفط الخام 1.8 مليون برميل يوميًا في مايو الماضي. وتضم قائمة العشرة الأوائل أيضًا دولًا من خارج منظمة أوبك، حيث تأتي كندا في المرتبة الرابعة باحتياطيات تبلغ 163 مليار برميل. وتعود بقية القائمة لهيمنة دول أوبك، حيث يحتل العراق المرتبة الخامسة (145 مليار برميل)، تليه الإمارات العربية المتحدة (113 مليار برميل)، ثم الكويت (102 مليار برميل).
وتحتل روسيا، العضو في تحالف “أوبك+”، المرتبة الثامنة باحتياطيات تبلغ 80 مليار برميل، تليها الولايات المتحدة في المرتبة التاسعة بـ 74 مليار برميل، وتختتم ليبيا القائمة باحتياطيات تبلغ 48 مليار برميل. ويشكل مجموع احتياطيات النفط لهذه الدول العشر أكثر من أربعة أخماس الاحتياطيات العالمية.
أصبحت احتياطيات النفط أداة ونقطة اشتعال في الصراعات الجيوسياسية. فما يقرب من 14% من إنتاج النفط العالمي يخضع حاليًا لشكل من أشكال العقوبات، خاصة في دول “أوبك+”.
وقد ظهر تأثير التوترات الجيوسياسية بشكل واضح خلال المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وإيران. فبينما ارتفعت أسعار النفط بعد الهجوم الإسرائيلي، إلا أنها انخفضت بشكل حاد بعد الرد الإيراني، لأن الهجوم تجنب استهداف منشآت الطاقة وتجنب تعطيل تدفقات النفط. ومع ذلك، يبقى التهديد قائمًا، فإذا أغلقت إيران مضيق هرمز، الذي يمر عبره خُمس حركة النفط العالمية، فقد ترتفع الأسعار بشكل حاد. لكن العديد من المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط يرون أن مثل هذه الخطوة غير محتملة، لأنها ستقضي على أقوى ورقة ضغط تمتلكها إيران.
