في خطوة قد تمهّد الطريق لعلاج اضطرابات مرتبطة بـ القدرات العقلية، مثل ضعف الذاكرة وصعوبات التعلم والكلام، كشف باحثون من جامعة فرجينيا للتكنولوجيا عن مشروع بحثي جديد يهدف إلى استخدام الموجات فوق الصوتية المركزة لتمرير مادة الكرياتين إلى الدماغ.
الفريق البحثي، الذي يقوده الأستاذ المساعد تشنغ-شيا “فريد” وو، حصل على منحة قدرها 30,000 دولار من جمعية نقص الكرياتين لدعم هذا الابتكار، الذي يُراهن عليه لتحسين وظائف الدماغ عبر تعزيز إنتاج الطاقة الخلوية وتحفيز الإشارات العصبية.
رغم ارتباط الكرياتين غالبًا بكمال الأجسام وزيادة الكتلة العضلية، إلا أن له دورًا أعمق وأكثر تأثيرًا على القدرات العقلية، ووفقًا للدكتور تشين يي تشين، فإن الكرياتين لا يعمل فقط في العضلات، بل يُعدّ عنصرًا جوهريًا لخلايا الدماغ التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة.
كما يساعد الكرياتين في إنتاج جزيء ثلاثي فوسفات الأدينوزين (ATP)، الذي يغذي أغلب العمليات الخلوية، بما في ذلك الوظائف العقلية الحيوية مثل التركيز، والتعلّم، والذاكرة.
يلعب الكرياتين دورًا مزدوجًا في الدماغ، لا يقتصر على توليد الطاقة فقط، بل يمتد إلى تنظيم النشاط العصبي، فالكرياتين يؤثر على الجهاز المثبط الأساسي في الدماغ، والذي يعتمد على الناقل العصبي “حمض غاما أمينوبوتيريك” المعروف بدوره في الحفاظ على استقرار الإشارات العصبية.
تشير أبحاث حديثة إلى أن الكرياتين قد يعمل كناقل عصبي مستقل، يتحرك بين الخلايا العصبية والخلايا الدبقية، ما يجعله مساهمًا مباشرًا في دعم القدرات العقلية، وقد يؤدي نقص هذه المادة إلى تدهور وظائف الدماغ، مثل ضعف مهارات الكتابة والقراءة والتحدث، رغم أن المريض قد يظهر نموًا جسديًا طبيعيًا بفضل المكملات.
تُعدّ قدرة الكرياتين على الوصول إلى الدماغ محدودة بسبب الحاجز الدموي الدماغي، وهو حاجز وقائي يمنع مرور العديد من المركبات إلى الأنسجة الدماغية، وفي هذا السياق، تأتي تقنية الموجات فوق الصوتية المركزة كحل مبتكر لفتح منافذ مؤقتة في الحاجز، تسمح بمرور الكرياتين دون الإضرار بالخلايا السليمة، ما يعزز فرص استعادة القدرات العقلية.
يرى الباحث تشين أن هذا المشروع يمثّل انتقالًا نوعيًا من الأبحاث الأساسية إلى تطبيقات مباشرة يمكن أن تُغيّر حياة المرضى، ويؤكد أن المراحل الأولى ستركز على التحقق من قدرة الموجات فوق الصوتية على تمرير الكرياتين إلى الدماغ، بهدف إعادة الكتلة الدماغية الطبيعية وتحفيز وظائف القدرات العقلية المتضررة بسبب نقص هذه المادة.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
مع تزايد شعبية أكياس النيكوتين.. هل هي أكثر أمانًا من التدخين؟