صحة

اللحوم المزيفة تزيد من مخاطر أمراض القلب.. ما الحقيقة؟

تداولت وسائل الإعلام مؤخرًا نتائج دراسة مفادها أن اللحوم المزيفة المصنوعة من النباتات مثل النقانق والبروتين النباتي، يمكن أن تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومن ثم الوفاة.

ولكن بالتركيز على الدراسة الحديثة، تتضح تفاصيل أكثر دقة لهذه الادعاءات الخاصة بالأطعمة النباتية فائقة المعالجة.

ماذا تكشف الدراسة؟

بحسب ما أورده موقع Livescience فإن الدراسة لم تذكر فقط اللحوم المصنعة من النباتات تحديدًا، بل إن نتائجها تشمل جميع الأطعمة النباتية فائقة المعالجة.

وتشمل تلك الأطعمة مجموعة لا يمكن أن تتوقعها مثل البسكويت المغطى بالشوكولاتة والبيتزا المجمدة والمشروبات الغازية.

ووجدت الدراسة المنشورة في مجلة “لانسيت” للصحة في وقت سابق من هذا الشهر، إن الأطعمة النباتية فائقة المعالجة بشكل عام تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

وفي حين أن التركيز كان على اللحوم المصنعة، إلا أنها لم تكن سوى شريحة صغيرة من إجمالي استهلاك المشاركين في الدراسة من الطعام.

ويمكن أن يكون التركيز على اللحوم المصنعة فقط نابعًا من تعقيد الدراسات الخاصة بأبحاث التغذية، إذ إن التعريفات التي يستخدمها العلماء عن الأطعمة النباتية لا تتسق دائمًا مع تعريفات جمهور المستهلكين.

اللحوم المزيفة تزيد من مخاطر أمراض القلب.. ما الحقيقة؟
اللحوم المصنعة أو المزيفة تمثل شريحة صغيرة من الأطعمة فائقة المعالجة التي يتناولها الإنسان

ما هي الأطعمة فائقة المعالجة؟

يُطلق هذا المصطلح على الأطعمة التي تخضع لتحولات صناعية ضخمة حتى تصل للمستهلك، بما يجعلها مختلفة عن مكوناتها الأصلية.

ومن بين تلك الأطعمة المعكرونة سريعة التحضير والبسكويت، والتي تدخل في مراحل متعددة من التصنيع والمعالجة لتختفي مكوناتها الأصلية، ثم يضاف إليها مواد مضافة لتحسين المظهر والطعم ولإكسابها صلاحية أطول.

وعادة تكون تلك الأطعمة صعب تحضيرها في المطبخ الخاص، إما بسبب المواد الكيميائية المضافة لها أو الآلات اللازمة لتصنيعها، وفق الباحثة وخبيرة التغذية في جامعة جنوب أستراليا، والتي لم تشارك في الدراسة، إيفانغلين مانتزيوريس.

وتعتمد أبحاث التغذية بشكل عام وتلك الدراسة الأخيرة على إطار عمل يُعرف بنظام تصنيف NOVA كمعيار لتجميع الأطعمة على طول طيف من غير المعالجة إلى المعالجة الفائقة بناءً على مستوى التغيير عن حالتها الطبيعية.

وأغلب الأطعمة يمكن تصنيفها اعتمادًا على الحدس، فلا يمكن اعتبار الفاصوليا أو البروكلي أطعمة معالجة فائقة، ولكن في المقابل فإن حبوب الإفطار والحساء المعلب أطعمة فائقة المعالجة.

وعلى الرغم من ذلك، هناط بعض الأطعمة التي قد يكون تصنيفها محيرًا للوهلة الأولى.

وترجع أهمية استخدام هذا المقياس إلى كيفية تفاعل الأغذية التي تتغير بشكل كبير عن أصلها مع جسم الإنسان ومن ثم التأثير على الصحة العامة، بحسب المؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة وخبيرة في علم الأوبئة الغذائية في جامعة ساو باولو في البرازيل، فيرناندا راوبر.

وتقول راوبر: “التأثيرات الصحية للغذاء لا تنبع فقط من مجموع وظائفه الغذائية، ولكن الطريقة التي يتم بها دمج الأطعمة وإعدادها واستهلاكها كوجبات تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في تأثيراتها الصحية”.

اللحوم المزيفة تزيد من مخاطر أمراض القلب.. ما الحقيقة؟
تُعد حبوب الإفطار والمياه الغازية والحساء المعلب من الأطعمة فائقة المعالجة

منهجية الدراسة

اعتمدت دراسة راوبر على المقارنة بين ما يأكله الناس بشكل يومي، والمعلومات الموجودة في سجلات المستشفيات والوفيات المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدوية.

واستخدم الباحثون بيانات من أكثر من 100 ألف بالغ في بنك المملكة المتحدة الحيوي – وهي قاعدة بيانات كبيرة تتبع الصحة ونمط الحياة والمعلومات الوراثية للمتطوعين الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عامًا في المملكة المتحدة.

ويقول عالم الأوبئة الغذائية في جامعة ريدينغ في إنجلترا، غونتر كونلي، والذي لم يشارك في الدراسة، إنه توقع من العنوان أن تتناول الورقة البحثية بدائل اللحوم النباتية والمشروبات النباتية أو الحليب النباتي، أي بدائل المنتجات المشتقة من الحيوانات.

ولكن بمجرد قراءة الورقة البحثية، وجد كونلي أنها تُشير إلى اللحوم المصنعة فئاقة المعالجة وكذلك الأطعمة النباتية الأقل بديهية، مثل الخبز والكعك والمشروبات الغازية السكرية ورقائق البطاطس والكاتشب – وهي أطعمة لا تخطر على البال فورًا عندما يفكر الناس في نظام غذائي قائم على النباتات، كما يقول كونلي.

وأشار كونلي إلى أن التصنيف الواسع للدراسة لا يمكن اعتباره خاطئًا، ولكن فقط تم تفسيره بشكل خاطئ.

وخلصت الدراسة إلى استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة بشكل مفرط، يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو الوفاة، وهو ما يعتبره كونلي ليس مفاجئًا، نظرًا لإدراج الأطعمة “النباتية” التي توصي العديد من الإرشادات الغذائية بتناولها باعتدال – مثل الأطعمة أو المشروبات السكرية.

اللحوم المزيفة تزيد من مخاطر أمراض القلب.. ما الحقيقة؟
يعتبر الكثيرون أن التوفو مصدر صحي للبروتين النباتي، ولكن في الدراسة تم تصنيفه كغذاء معالج للغاية

احتمالات الإصابة بأمراض القلب

بحسب الدراسة، فإن كل زيادة بنسبة 10% في استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة ذات المصدر النباتي ــ والتي تشمل أطعمة مثل البسكويت وألواح الشوكولاتة، وكذلك التوفو والتيمبيه ــ تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 5%، وتزيد احتمالات الوفاة بسبب المرض بنسبة 12%.

وفي المقابل، فإن الزيادة بنسبة 10% في استهلاك الأطعمة غير فائقة المعالجة ولكنها لا تزال نباتية ــ مثل المعكرونة والفاصوليا والبطاطس ــ تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 7%، وتخفض الوفيات بنسبة 13%.

ولم تتمكن الدراسة من تحديد أي من الأطعمة فائقة المعالجة أخطر من غيرها، بسبب تقييمها كمجموعة، بخلاف أن الأطعمة المشتقة من النباتات والتي تععرض لدرجات عالية من المعالجة لا تمثل سوى جزء بسيط من إجمالي السعرات الحرارية التي يستهلكها البشر – نحو 0.2% – في المجموع.

وحتى الآن، لم يكتشف العلماء أيضًا وراء تسبب الأطعمة فائقة المعالجة في هذه المخاطر، ولكن بعض الأبحاث تربطها بالتشبع العالي بالملح والسكر والدهون في هذه الأطعمة.

وتقول دراسات أخرى أن التحولات الضخمة التي تطرأ على الطعام خلال معالجته وتكسير مكوناته الأصلية لتحويلها إلى شكل جديد، قد تؤثر على الجسم بطرق لا نفهمها بعد.

كما أن الإضافات التي يتم إضافتها على المنتجات مثل مكسبات الطعم الشائعة أحادية الغلوتامات الصوديوم (MSG) والمواد الملوثة التي قد تظهر من القلي أو الخبز أو تخمير الأطعمة فائقة المعالجة، مثل الأكرولين، قد تؤثر أيضًا على الشهية والصحة، وقد ارتبط الأكرولين على وجه التحديد سابقًا بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

المصدر: Livescience