شهدت الأشهر الماضية تغيرات كبيرة على أرض الواقع في إفريقيا، حيث انتفضت بعض الدول رافضة الوجود الفرنسي على أراضيها معتبرة إياه سلباً لخيراتها.
وأبرز الدول التي طردت القوات الفرنسية من أراضيها مؤخرا هما مالي والنيجر اللتين شهدتا تغيراً في نظام الحكم إثر انقلاب عسكري.
لماذا تتواجد القوات الفرنسية في أفريقيا؟
يقول البروفيسور برونو شاربونو، من الكلية العسكرية الملكية في كندا والخبير في التدخلات في السلام والصراع في غرب أفريقيا إن الوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا سمح دائمًا لفرنسا بأن تكون في قلب آليات حل النزاعات وإدارتها في الدول الناطقة بالفرنسية، وخاصة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وأضاف شاربونو أن تقديم الدعم العسكري للأنظمة الأفريقية الصديقة بهذه الطريقة يعني أن فرنسا تستطيع الحفاظ على مصالحها الخاصة وحمايتها، والقيام بتدخلات مسلحة سريعة في وقت الأزمات.
ومن جانبها تقول وزارة الدفاع الفرنسية إن مهمتها الأساسية في إفريقيا هي تدريب الجنود في المنطقة وتعزيز قدراتهم على مكافحة الإرهاب وحماية الحدود البرية والبحرية.
وأوضحت “الدفاع الفرنسية” أنها تتعاون مع الأنظمة الحاكمة في الدول الإفريقية لحفظ السلام بالإضافة إلى التعاون الاستخباراتي وتوفير الخدمات اللوجستية.
الدول التي لا تزال لديها قواعد فرنسية
على الرغم من انخفاض أعداد القوات الفرنسية في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن عدة آلاف من القوات الفرنسية لا تزال منتشرة في البلدان التالية:
تشاد: بها ما يقرب من 1000 جندي مكلفين بضمان حماية المصالح الفرنسية والمواطنين الفرنسيين، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للجيش التشادي
جيبوتي: تعد موطناً لأكبر فرقة فرنسية على الأراضي الإفريقية، حيث تضم 1500 جندي بموجب اتفاقيات تعود إلى عام 1977، عندما حصلت البلاد على استقلالها.
الجابون: تتمركز القوات الفرنسية هناك منذ استقلالها عام 1960، وأعيدت تسميتها رسميًا إلى العناصر الفرنسية في الجابون (EFG) في عام 2014 وتتكون من 350 جنديًا.
ساحل العاج : تعتبر موطن السيطرة العملياتية الفرنسية، وتم إنشاء قاعدة العمليات الأمامية (فوب) هناك في عام 2015 في إطار شراكة دفاعية بين الدولتين المتقاربتين تاريخياً.
وعلى مدى العقدين الماضيين تم نشر ما لا يقل عن 950 جنديًا كجزء من عملية ليكورن، وهي قوة حفظ السلام الفرنسية التي تم تشكيلها في أعقاب الحرب الأهلية عام 2002.
السنغال : تقوم فرقة مؤلفة من حوالي 400 جندي، بتوفير التدريب العسكري الإقليمي، وتتمركز في معسكرين بالعاصمة داكار، ويمكنها أيضًا استخدام المطار العسكري بالمدينة.
النيجر: بدأ الجنود المنتشرون في النيجر، والذين يتراوح عددهم بين 1300 و1500 جندي من الانسحاب من قواعدها العسكرية الثلاث وذلك بناء على طلب النظام الحاكم الجديد.
لماذا تتمسك فرنسا بوجودها في إفريقيا؟
يقول البروفيسور توني شيفر، من جامعة بورتسموث في المملكة المتحدة، إن أفريقيا تمنح فرنسا نفوذاً على المسرح العالمي، ما كانت لتحظى به لولا ذلك.
وأضاف شيفر أن التواجد العسكري الفرنسي في إفريقيا يلعب دورًا رئيسيًا في تبرير مقعد فرنسا الدائم في مجلس الأمن، ففرنسا تعتبر لاعباً أساسياً عندما تتم مناقشة القضايا الأمنية في غرب ووسط أفريقيا في الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي.
ويرى البروفيسور توني شيفر أن فرنسا وجودها يضمن حماية علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع أفريقيا بعناية، وأن ذلك يتضح جليًا بوجود عملات الفرنك الأفريقي، المرتبطة بالخزانة الفرنسية.
الحرب في غزة تضع الأهمية السياسية لمجموعة السبع على المحك