علوم

هل اقتربنا من اكتشاف الحياة خارج الأرض؟

لطالما راود حلم اكتشاف الحياة خارج الأرض خيال العلماء والمفكرين، بل وحتى صناع السينما والأدب، لكن ومع التطورات العلمية الهائلة في العقود الأخيرة، لم يعد الأمر مجرد خيال علمي، بل اقترب من أن يصبح واقعًا مدعومًا بالأدلة والملاحظات الرصدية. ومؤخرًا، سلّط الضوء على كوكب خارجي يدعى K2-18b، بعدما أعلن فريق دولي من علماء الفلك عن رصد إشارات بيولوجية محتملة في غلافه الجوي، باستخدام أحدث أدوات المراقبة الفضائية وأكثرها دقة حتى الآن، تلسكوب جيمس ويب الفضائي.

ما هو كوكب K2-18b؟

يقع هذا الكوكب خارج نظامنا الشمسي، على بعد 124 سنة ضوئية، وتحديدًا في منطقة “المنطقة الصالحة للحياة” حول نجمه. يُصنف الكوكب ضمن العوالم الهيدروجينية المائية أو ما يُعرف بـ Hycean – كوكب مغلف بغلاف جوي غني بالهيدروجين ومغطى بمحيطات سائلة.

بحجمه الذي يعادل 2.6 ضعف حجم الأرض وكتلته التي تبلغ 8.6 أضعافها، يمثل K2-18b فئة جديدة من الكواكب التي قد توفر بيئة داعمة للحياة.

اكتشاف مركبات حيوية.. ماذا يعني ذلك؟

تمكن تلسكوب جيمس ويب من رصد جزيئات مثل ثنائي ميثيل الكبريت (DMS) وثنائي ميثيل ثاني الكبريت (DMDS) في غلاف الكوكب الجوي. على كوكب الأرض، لا يتم إنتاج هذه المركبات إلا عن طريق كائنات بحرية دقيقة، ما يجعلها علامة بيولوجية محتملة.

يُعد هذا الكشف الأكثر إثارة حتى الآن في مسيرة البحث عن الحياة خارج الأرض. ومع ذلك، ما زالت احتمالية وجود مصادر كيميائية غير حيوية لإنتاج هذه المركبات قائمة.

العلماء بين التفاؤل والحذر

النتائج الحالية وصلت إلى “مستوى دلالة ثلاثي” وهو ما يعني احتمالًا بنسبة 0.3% فقط أن يكون الاكتشاف محض صدفة. لكن القبول العلمي يتطلب مستوى دلالة خماسي (0.00006%). لذا، يفضل العلماء حاليًا تصنيف النتائج ضمن “مرشحات الحياة المحتملة” بدلًا من إعلان اكتشاف الحياة فعليًا.

وجهات نظر متباينة

بينما يرى فريق البحث أن K2-18b أقرب لعالم Hycean، يشير علماء آخرون، مثل البروفيسورة سارة سيغر من MIT، إلى احتمال كونه “كوكب محيط صهاري” أو حتى “نبتون مصغر”. هذه التفسيرات المتباينة تعكس تعقيد فهمنا للكواكب الخارجية حتى اليوم.

خطوات قادمة نحو الحقيقة

يُخطط الفريق لإجراء ملاحظات إضافية باستخدام تلسكوب جيمس ويب لمدة 16 إلى 24 ساعة. كما سيتم نشر بيانات الدراسة لتقييمها من قبل فرق علمية مستقلة حول العالم، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تأكيد أو نفي هذه المؤشرات.

التحديات أمام تفسير الجزيئات

من التحديات التي تواجه الفريق هو غياب مركب الإيثان (C2H6)، الذي من المفترض ظهوره نتيجة تحلل DMS وDMDS بفعل الأشعة فوق البنفسجية. غياب هذا المركب قد يشير إلى وجود آليات كيميائية غير معروفة أو ضعف في النماذج النظرية الحالية.

هل نحن مستعدون لاكتشاف الحياة؟

صرّح الدكتور نيكو مادهوسودان، رئيس الفريق البحثي، بأن هذا الاكتشاف يمثل “نقطة تحول” في بحث البشرية عن الحياة. وأكد أن القدرات التكنولوجية الحالية باتت تسمح لنا بالاقتراب من هذا الهدف.

لكن يبقى السؤال الأعمق: هل نحن، كمجتمع بشري، مستعدون فعلاً لاكتشاف الحياة خارج الأرض؟ وهل نملك الإطار الأخلاقي والعلمي لفهمها؟