كشفت دراسة علمية جديدة، امتدت على مدار أكثر من 20 عامًا من الرصد عبر الأقمار الصناعية، عن تحذير بيئي غير مسبوق: العالم يفقد المياه العذبة بمعدلات أسرع بكثير مما كان متوقعًا، وبحسب ما نُشر في مجلة Science Advances، فقد تبين أن قارات الأرض – خاصة في نصفها الشمالي – تواجه موجات من الجفاف الشديد والتصحر، تنذر بعواقب خطيرة على الأمن المائي والغذائي والاستقرار الجيوسياسي.
الدراسة، التي أجراها باحثون في جامعة ولاية أريزونا، استخدمت بيانات من مهمتي GRACE وGRACE-FO لرصد تغيّرات تخزين المياه على الأرض.
وشملت هذه البيانات المياه السطحية، ورطوبة التربة، والمياه الجوفية، والجليد والثلوج، وقد كشفت أن كوكب الأرض يشهد تراجعًا واضحًا في كميات المياه العذبة المتاحة، وهو تراجع يؤثر فعليًا على أكثر من 75% من سكان العالم.
أحد أبرز ما توصلت إليه الدراسة هو أن حوالي 68% من المياه المفقودة جاءت من المياه الجوفية، التي تُعد من المصادر الأكثر حساسية ونضوبًا.
هذه المياه، التي لطالما اعتُبرت احتياطيًا استراتيجيًا يُستخدم في فترات الجفاف، باتت تُستنزف بشكل يومي دون أي خطط فعلية لإعادة تغذيتها، ويؤكد العلماء أن الاستمرار بهذا النمط سيؤدي إلى ما يشبه “إفلاسًا بيئيًا” لمخزون المياه العذبة العالمي.
من خلال تحليل البيانات، رُصدت أربع مناطق كبرى تعاني من جفاف قاري حاد، أبرزها:
تشمل هذه المناطق العديد من المدن الكبرى والمناطق الزراعية الحساسة، ويعتمد عليها مئات الملايين من البشر في الحصول على المياه العذبة اللازمة للمعيشة والزراعة والصناعة.
حددت الدراسة فترة 2014-2015 كنقطة تحول محورية، إذ بدأت ظواهر مناخية مثل “النينيو” في تسريع وتيرة الجفاف، واستُهلكت كميات ضخمة من المياه الجوفية لتعويض النقص في الأمطار، مما فاقم التراجع في المخزون المائي العالمي.
ومنذ ذلك الحين، ازدادت معدلات الجفاف في نصف الكرة الشمالي، فيما لم تُسجل المناطق الاستوائية نفس مستويات التدهور – ما يشير إلى تغير كبير في الأنماط المناخية العالمية.
في الوقت الذي يزداد فيه عدد سكان العالم، يتناقص بشكل واضح توفر المياه العذبة، وتتوقع الأمم المتحدة استمرار هذا الاتجاه لعقود مقبلة، ما سيضع ضغوطًا متزايدة على الحكومات والمجتمعات لإيجاد حلول واقعية.
وفي هذا السياق، يؤكد الباحث جاي فاميجليتي أن ما نواجهه هو تهديد وجودي لمواردنا المائية، وقد تكون هذه الدراسة من أقوى التحذيرات التي أُطلقت حتى الآن.
توصل الباحثون إلى عدد من التوصيات الضرورية، أبرزها:
وشدد التقرير على أن أمن المياه لم يعد قضية بيئية فقط، بل هو مسألة ترتبط بالأمن القومي، والاستقرار الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية، فالفشل في التصدي لأزمة المياه العذبة قد يُؤدي إلى اضطرابات سياسية ونزاعات إقليمية في المستقبل القريب.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| فاتورة المناخ المتطرف في 30 عامًا
البحث عن الكوكب التاسع.. لماذا قد يكون هناك شيء ضخم على حافة النظام الشمسي؟