في أعقاب الاضطرابات الزلزالية العنيفة التي هزت أقصى شرق روسيا، استيقظ عملاق جيولوجي من سباته الطويل، حيث ثار بركان كراشينينيكوف في شبه جزيرة كامتشاتكا للمرة الأولى منذ ستة قرون. هذا الحدث النادر، الذي يعتقد العلماء أنه مرتبط بشكل مباشر بالزلزال الهائل الذي ضرب المنطقة الأسبوع الماضي بقوة 8.8 ريختر، أدى إلى إطلاق عمود هائل من الرماد في السماء وإصدار تحذير طيران باللون البرتقالي، مما يضع المنطقة بأكملها في حالة تأهب.
يُعد بركان كراشينينيكوف أحد المعالم الجيولوجية البارزة في شبه جزيرة كامتشاتكا، وهي منطقة تقع على “حلقة النار” في المحيط الهادئ وتشتهر بنشاطها الزلزالي والبركاني العنيف. يبلغ ارتفاع هذا الصرح الطبيعي 1856 مترًا، وظل خامدًا لفترة طويلة جدًا، حيث تشير السجلات العلمية، وفقًا لمعهد علم البراكين والزلازل، إلى أن آخر تدفق للحمم البركانية له كان حوالي عام 1463 ميلادي.
وجعل عدم تسجيل أي ثوران مؤكد له منذ ذلك الحين استيقاظه المفاجئ حدثًا علميًا وجيولوجيًا ذا أهمية كبرى. وجعله لا يمثل مجرد ظاهرة طبيعية، بل هو تذكير بالقوى الهائلة الكامنة تحت قشرة الأرض في هذه المنطقة المضطربة من العالم.
ووفقًا لوزارة خدمات الطوارئ الروسية في كامتشاتكا، أطلق بركان كراشينينيكوف عمودًا من الرماد وصل ارتفاعه إلى 6000 متر (3.7 ميل) في الغلاف الجوي. وقد اتجهت سحابة الرماد شرقًا نحو المحيط الهادئ، ولحسن الحظ، لم تكن هناك أي مناطق مأهولة بالسكان في مسارها المباشر. ونتيجة لهذا النشاط، تم رفع مستوى الخطر على الطيران إلى “الرمز البرتقالي”، وهو تحذير يشير إلى وجود مخاطر مرتفعة على الطائرات التي تحلق في المنطقة. وأصبحت مراقبة حركة الرماد الناتج عن ثوران بركان كراشينينيكوف الآن أولوية لضمان سلامة الملاحة الجوية.
ترجح رئيسة فريق الاستجابة للثوران البركاني في كامتشاتكا، أولغا جيرينا، بقوة وجود صلة بين هذا الثوران التاريخي والزلزال الضخم الذي سبقه بأيام. وقد عزز هذه الفرضية حقيقة أن ذلك الزلزال لم يوقظ بركان كراشينينيكوف فحسب، بل أعقبه أيضًا ثوران بركان كليوتشيفسكوي، وهو البركان الأكثر نشاطًا في شبه الجزيرة. وتستمر حالة عدم الاستقرار الجيولوجي في المنطقة، حيث ضرب زلزال آخر بقوة 7.0 درجات جزر الكوريل القريبة، مما أثار تحذيرات من موجات تسونامي طفيفة. إن هذا النشاط الزلزالي المتتالي، إلى جانب استيقاظ بركان كراشينينيكوف، يؤكد أن المنطقة دخلت مرحلة نشطة تتطلب مراقبة مستمرة.
اقرأ أيضًا:
البلدان التي تمتلك البراكين الأكثر نشاطًا في العالم
منها البراكين الصناعية وقذائف الثلج.. أغرب 12 طرق لمواجهة التغير المناخي
تاريخ البراكين الخامدة في المملكة