تُعد شجرة Decaisnea fargesii، المعروفة باسم ثمار “السجق الأزرق” أو “أصابع الرجال الموتى”، واحدة من أغرب الفواكه التي يمكن أن تصادفها. يثير مظهرها الغريب ولونها القاتم الفضول والدهشة لدى كل من يراها، ما يجعلها فريدة من نوعها بين النباتات والثمار الأخرى.
حصلت هذه الفاكهة على تلك الألقاب بسبب شكلها الغريب والمريب؛ فهي تتميز بكونها سميكة، ذات لون رمادي يميل إلى الزرقة، وتظهر عليها انقباضات تشبه تجاعيد الأصابع. كما تنتهي كل ثمرة بـ طرف مدبب قد يبدو — إذا أغمضت عينيك قليلًا أو نزعت نظارتك — وكأنه ظفر حاد، ما يضيف إلى غرابتها ويجعلها تترك انطباعًا لا يُنسى عند من يراها.
وقد وُصفت هذه النبتة الغريبة لأول مرة في الأدبيات العلمية عام 1892 على يد عالم النبات الفرنسي أدريان رينيه فرانشيه، الذي أشار في مجلة Journal de Botanique إلى أن ثمارها تتميز بلون أزرق جميل. وقد ساهم هذا الوصف المبكر في لفت انتباه العلماء والباحثين إلى غرابة هذه الشجرة وتميزها بين النباتات الأخرى.
أما تشبيهها بـ”أصابع الرجال الموتى”، فلم يظهر إلا لاحقًا بعد اكتشاف الثمار، إذ شبّهها فرانشيه في وصفه الأول بأنها “يرقات زرقاء ضخمة تتدلّى من الأغصان”، وكان هذا التشبيه يركز أكثر على غرابة الشكل ولونه الغريب بدل أن يكون شيئًا مرعبًا أو مخيفًا.
أُرسلت العينة الخاصة بنبات Decaisnea fargesii إلى العالم الفرنسي أدريان رينيه فرانشيه من قبل المبشّر الكاثوليكي الفرنسي بول غيّوم فارج، الذي سُمّيت النبتة تكريمًا له تقديرًا لمساهماته العلمية. وكان فارج جامع نباتات بارعًا، إذ جمع خلال فترة عمله في مقاطعة سيتشوان الصينية ما يقرب من أربعة آلاف نوع نباتي، ما جعله واحدًا من أبرز الباحثين في علم النبات في عصره، وأسهم بشكل كبير في إثراء المعرفة بالنباتات النادرة والغريبة.
ولا تزال “أصابع الرجال الموتى” تنمو حتى يومنا هذا في مناطق سيتشوان والتبت ونيبال، حيث يوفر المناخ المعتدل البيئة المثالية لنموها بشكل طبيعي. وتكتمل نضوج ثمارها عادة في شهر أكتوبر، وهو توقيت يتزامن بشكل مثالي مع موسم الرعب والهالوين، ما يضيف إلى شهرتها الغريبة ويجعلها محط اهتمام الباحثين وعشاق النباتات الغريبة على حد سواء. وبفضل هذا المزيج الفريد من الغرابة والجمال الطبيعي، تظل هذه الشجرة واحدة من أكثر النباتات إثارة للدهشة والفضول بين النباتات النادرة في العالم.
اسم آخر يطلق على ثمار Decaisnea fargesii الغريبة وهو “السجق الأزرق”، وهو اسم يبدو أكثر جاذبية وقبولًا قليلًا مقارنةً بالاسم المرعب “أصابع الرجال الموتى”. ومع ذلك، يظل السؤال الذي يطرحه الكثيرون فور رؤيتها أو سماع الاسم: هل يمكن تناول هذه الثمار بالفعل بأمان؟
والإجابة على هذا السؤال هي: نوعًا ما؛ فعند فتح الثمرة، ستجد بداخلها بذورًا سوداء تشبه بذور البطيخ، محاطة بطبقة من لبّ شفاف، ويُعد هذا اللب هو الجزء الوحيد الصالح للأكل من الثمرة. أما باقي الثمرة فلا يُنصح بتناوله. ومع الأسف، الطعم لا يمت بصلة إلى النقانق كما يوحي الاسم الغريب، بل له نكهة مميزة وغريبة قد تبدو مفاجئة أو غير مألوفة لمن يتوقع مذاقًا لذيذًا أو مألوفًا. ورغم ذلك، يظل تناول اللب تجربة فريدة من نوعها، تضيف عنصر الفضول والاستكشاف لكل من يهتم بتجربة النباتات الغريبة والمميزة حول العالم.
وفقًا لتدوينة كتبها دانيال موسكوين، مدير الأبحاث في الحديقة النباتية ومركز أبحاث النباتات بجامعة كولومبيا البريطانية، فإن طعم ثمرة Decaisnea fargesii “ليس سيئًا، لكنه باهت نوعًا ما، أما قوامها فهو أكثر إثارة للاهتمام — يشبه الهلام”، مشيرًا بذلك إلى أن تجربة تناول اللب الشفاف تقدم إحساسًا فريدًا يختلف عن معظم الفواكه المألوفة.
أما فولفغانغ ستوبي، المتخصص في علم شكل البذور في الحدائق النباتية الملكية – كيو، فقد قدّم تقييمًا أكثر إيجابية للثمرة، قائلاً: “وجدت طعمها لطيفًا ورقيقًا، يميل إلى الحلاوة الخفيفة، وربما يحمل لمحة من طعم البطيخ أو الخيار”.. ويعكس هذا التقييم أن الثمرة، رغم غرابتها ومظهرها الغريب، قد تُقدَّر من قبل محبي التجارب النباتية الغريبة، خصوصًا لأولئك الذين يبحثون عن تجارب مذاقية فريدة وغير معتادة خارج نطاق الفواكه التقليدية.