في زاوية هادئة من أوروبا الغربية، تقع واحدة من أكثر الحدود الدولية إثارة للدهشة في العالم. بلدة بارله المقسمة بين هولندا وبلجيكا تُعيد تعريف مفهوم السيادة الوطنية، حيث يمكن للزائر عبور الحدود الدولية عشرات المرات خلال نزهة واحدة قصيرة.
تنقسم المدينة إلى بارله-ناساو الهولندية وبارله-هيرتوغ البلجيكية، في ترتيب حدودي يعود جذوره إلى معاهدات العصور الوسطى والولاءات الإقطاعية. في القرنين الثاني والثالث عشر، كانت المنطقة خليطاً من الأراضي الإقطاعية تحت سيطرة دوق برابانت وسيد بريدا، الذين تبادلوا الأراضي مقابل الحماية.
عندما استقلت بلجيكا عن مملكة هولندا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، واجه المشرعون “استحالة رسم خط مستمر” بين البلدتين، فمُنحت بارله وضعًا خاصًا بموجب معاهدة 1842 التي نصت على “الحفاظ على الوضع الراهن” للقريتين.
تتعرج الحدود عبر الشوارع والمحلات والمطاعم وحتى المنازل، قد يقع المطبخ في هولندا والحمام في بلجيكا. تُميَّز هذه الحدود بصلبان بيضاء صغيرة على الأرض، وتخلق مواقف طريفة ومعقدة في الحياة اليومية.
تؤدي الاختلافات القانونية بين البلدين إلى مواقف غريبة. في هولندا، تُباع الألعاب النارية فقط قبل رأس السنة، بينما تُباع طوال العام في بلجيكا. كما تخلق الاختلافات الضريبية فرصاً للتسوق الذكي، حيث يقول السكان المحليون: “البنزين والسجائر أرخص في بلجيكا، لكن الطعام أرخص في هولندا”.
منذ انضمام البلدين لمنطقة شنغن في التسعينيات، أصبح عبور الحدود سهلاً دون جوازات سفر. يرى البعض في بارله رمزاً للتكامل الأوروبي، فيما يشكو آخرون من ازدواجية الخدمات: “مجلسا بلدية، وخدمتا شرطة، وخدمتا إطفاء… وهذا مجنون تماماً”.
تعيش البلدة بسلام تام، باستثناء – كما يمزح السكان – عندما تلتقي بلجيكا وهولندا في مباراة كرة القدم.