ربما ينتشر السرطان بشكل كبير ولكن سرطان القلب تحديدًا يعد من الأمراض النادرة. والسرطان هو مرض ينشأ عندما تنقسم الخلايا بشكل لا يمكن السيطرة عليه، مما قد يسبب مرضاً خطيراً. يمكن أن يحدث السرطان في أي جزء من الجسم، لكن هناك أعضاء لا يُصاب بها السرطان بالقدر نفسه من التواتر، مثل القلب. تُظهر الدراسات أن 3 من كل 10,000 شخص يصابون بسرطان القلب، مقارنة بـ 1 من كل 20 امرأة يتوقع أن تصاب بسرطان الثدي.
تُنتج الخلايا خلايا جديدة للنمو، أو استبدال الخلايا القديمة، أو إصلاح الأنسجة التالفة. تُسمى هذه العملية “انقسام الخلايا”. يُنظم تكرار انقسام الخلية بواسطة سلسلة من “نقاط المراقبة الجزيئية”. أثناء الانقسام، يتم تكرار الجينات داخل الحمض النووي (DNA) وتوزيعها بالتساوي على خليتين جديدتين. يمكن أن يؤدي تلف هذه الجينات، الناتج عن التعرض للمواد الكيميائية الضارة أو الأشعة فوق البنفسجية أو الإشعاع، إلى طفرات تسبب المرض. كما يمكن أن تحدث الطفرات بشكل عشوائي. عندما تحدث طفرات في الجينات التي تنظم انقسام الخلايا، يمكن أن يتطور السرطان.
تتمتع خلايا القلب بخصائص فريدة تجعلها مقاومة للسرطان. على الرغم من أن القلب هو أول عضو يتشكل ويبدأ في العمل أثناء النمو المبكر، فإن خلايا القلب في مرحلة البلوغ تنقسم مرات قليلة جدًا بعد الولادة. في الواقع، يتم استبدال أقل من 50% من خلايا القلب على مدار حياة الإنسان العادية. هذا المعدل المنخفض لانقسام الخلايا في قلب البالغين يعمل على الأرجح كدفاع أساسي له ضد السرطان. فكلما قل انقسام الخلية، قلت فرص حدوث أخطاء أثناء تكرار الحمض النووي. بالإضافة إلى ذلك، فإن موقع القلب المحمي داخل الصدر يجعله أقل تعرضًا بشكل مباشر للعوامل المسببة للسرطان، مثل الأشعة فوق البنفسجية على الجلد أو المواد المستنشقة في الرئة.
حتى مع مقاومة القلب للسرطان، قد تتشكل الأورام. عندما يتم العثور على سرطان في القلب، فغالبًا ما يكون نتيجة لانتقال الخلايا السرطانية من جزء آخر من الجسم إلى القلب، وهي عملية تُسمى “الانبثاث” (metastasis). من المرجح أن تنتشر أنواع معينة من سرطانات الجلد أو سرطانات الصدر إلى القلب، على الرغم من أن هذا لا يزال نادرًا. عندما تحدث أورام القلب، يمكن أن تكون خطيرة جدًا وأكثر عدوانية من أنواع السرطان الأخرى. وجدت دراسة حللت أكثر من 100,000 حالة سرطان قلب في الولايات المتحدة أن المرضى الذين خضعوا للجراحة والعلاج الكيميائي للتعامل مع سرطان القلب عاشوا لفترة أطول من أولئك الذين لم يخضعوا لهما.
يساعد فهم كيفية انقسام خلايا القلب وما الذي يسبب تغير هذه العملية العلماء على فهم أفضل لسبب عدم شفاء القلب بشكل جيد بعد النوبة القلبية. كما تتيح التقنيات الجديدة للباحثين تطوير نماذج جديدة لأمراض القلب لدراستها، والعمل على تحقيق تجديد القلب يومًا ما.
يُعد فهم سبب عدم حدوث السرطان بنفس أهمية فهم سبب حدوثه، وكلا الإجابتين تكمنان حقًا في “صميم” القلب.