تستعد روسيا لاستضافة القمة الروسية العربية الأولى في موسكو في الخامس عشر من أكتوبر الجاري، في حدث يُعدّ محطة تاريخية في مسار التعاون السياسي والاقتصادي بين موسكو والعالم العربي، وتؤكد التحضيرات المكثفة من الجانب الروسي أن هذه القمة تمثل مرحلة جديدة من الحوار الاستراتيجي، ودفعة قوية نحو تعزيز الشراكات متعددة الجوانب بين الجانبين.
بحسب موقعها الرسمي، فإن القمة الروسية العربية ستجمع ممثلين من الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافة إلى الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في شرق أفريقيا، لتبادل واسع لوجهات النظر حول قضايا التعاون السياسي والاقتصادي والإنساني. وتهدف القمة الروسية العربية إلى ترسيخ معايير جديدة للشراكة البناءة بين موسكو والعالم العربي، تشمل مجالات التجارة والطاقة والاستثمار والثقافة، إلى جانب مناقشة أبرز التحديات الأمنية الإقليمية والدولية.
كما أكد المنظمون أن القمة ستناقش القضايا الملحّة التي تواجه المنطقة والعالم، مع التركيز على تعزيز الأمن والاستقرار، ووضع آليات عمل واقعية تدعم النمو الاقتصادي المستدام، كما تسعى القمة الروسية العربية إلى تطوير رؤية مشتركة لحل النزاعات الإقليمية، استنادًا إلى مبادئ السيادة الوطنية والمساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بما يتماشى مع المبادئ الدبلوماسية التي أكدت عليها كل من روسيا وجامعة الدول العربية خلال السنوات الأخيرة.
تشهد العلاقات بين روسيا والدول الأعضاء في جامعة الدول العربية زخمًا غير مسبوق، بفضل الاتصالات المكثفة رفيعة المستوى التي جرت خلال العام الماضي. فقد حافظ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تواصل منتظم مع القادة العرب، سواء عبر اللقاءات الثنائية أو الاتصالات الهاتفية، ما يعكس اهتمام موسكو المتزايد بتطوير علاقاتها مع المنطقة العربية.
وفي عام 2025 وحده، استقبلت روسيا رؤساء ومسؤولين رفيعي المستوى من دول عربية عدة، بينها قطر، عُمان، مصر، فلسطين، اليمن، والإمارات العربية المتحدة. كما شارك عدد من القادة العرب في فعاليات تذكارية أقيمت في موسكو بمناسبة الذكرى الثمانين للنصر في الحرب الوطنية العظمى، وهو ما يعكس عمق العلاقات التاريخية والرمزية بين روسيا والعالم العربي.
يرى مراقبون أن القمة الروسية العربية المقبلة تشكل نقطة تحول استراتيجية على الساحة الدولية، إذ تسعى روسيا من خلالها إلى ترسيخ مكانتها كطرف رئيسي في القضايا العربية، في وقت يشهد فيه العالم تحولات عميقة في موازين القوى والتحالفات الدولية، فالمناقشات المنتظرة في القمة ستركز على ملفات الطاقة، والأمن الغذائي، والاستثمارات العابرة للحدود، ودور الحوكمة المتعددة الأقطاب في تحقيق التوازن العالمي.
ويرجّح الخبراء أن تصدر القمة بيانًا مشتركًا يحدد آليات التعاون المستقبلي بين روسيا وجامعة الدول العربية، يتضمن خطوطًا عامة لإطلاق مشروعات اقتصادية واستثمارية جديدة، وتفعيل اللجان المشتركة لتطوير العمل المؤسسي بين الجانبين، ومن المتوقع أن يُمهّد الإعلان الختامي الطريق نحو شراكة أكثر تنظيمًا، قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وفي سياق التحضيرات الرسمية، أعلن يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن روسيا وجهت دعوات رسمية إلى قادة 22 دولة عربية، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، للمشاركة في أعمال القمة الروسية العربية الأولى في موسكو، وقال أوشاكوف في تصريحات للصحفيين: “أعتقد أن قائمة المشاركين ستتضح نهائيًا يوم الإثنين أو الثلاثاء، لكننا وجهنا الدعوة إلى جميع قادة الدول الـ22، وبالطبع إلى الأمين العام للجامعة العربية”.
وتُعدّ هذه الخطوة تأكيدًا على رغبة موسكو في تحقيق شمولية المشاركة العربية، بما يعزز الطابع التمثيلي للقمة، ويجعلها منصة حوار فعالة بين روسيا والعالم العربي.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
كيف دمرت حرب العامين حياة الفلسطينيين في غزة؟