انطلقت قمة مجموعة العشرين لهذا العام والتي تستضيفها جنوب أفريقيا، في الثاني والعشرين من نوفمبر، لتشكل المرة الأولى التي تحتضن فيها دولة أفريقية هذا التجمع العالمي، فما الذي تناقشه؟ وما المنتظر منها؟ وهل تواجه تحديات؟
ما هي قمة مجموعة العشرين وماذا تناقش؟
تعتبر قمة مجموعة العشرين (G20) منتدى يضم أكبر اقتصادات العالم، حيث يجتمع بانتظام لمناقشة القضايا الأكثر إلحاحًا التي تواجه الاقتصاد العالمي.
يشمل التجمع 19 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، وتمثل هذه المجموعة حوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75% من التجارة العالمية، ونحو ثلثي سكان الكوكب.
تعود بداية قمة مجموعة العشرين إلى عام 1999، عقب الأزمة المالية الآسيوية، عندما كانت منتدى لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من الاقتصادات الكبرى المتقدمة والناشئة.
تطورت إلى "قمة القادة" بين عامي 2007 و2009 خلال الأزمة المالية العالمية، ليجتمع فيها الرؤساء ورؤساء الوزراء، ومنذ عام 2011، أصبحت المؤتمرات تُعقد سنويًا.
تتمحور أجندة قمة مجموعة العشرين لعام 2025 المنعقدة في جوهانسبرغ، تحت شعار "التضامن، والمساواة، والاستدامة"، حول مساعدة الدول النامية على التكيف مع أزمة المناخ، والانتقال إلى الطاقة النظيفة، وخفض الديون المفرطة.
وتركز المناقشات الرئيسية على النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وتمويل التنمية وعبء الديون، والمعادن الحيوية، والعمل اللائق، والذكاء الاصطناعي.
لماذا كادت الولايات المتحدة تقاطع قمة مجموعة العشرين هذا العام؟
أشار الرئيس الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، أن حكومة بلاده تلقت إخطارًا "في اللحظة الأخيرة" من الولايات المتحدة يفيد بتراجعها عن قرار المقاطعة، وأنها تريد المشاركة في قمة مجموعة العشرين.
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في وقت سابق أن إدارته ستقاطع الاجتماع الذي يستمر يومين في جوهانسبرغ، مبررًا ذلك بمزاعم حول اضطهاد حكومة رامافوزا العنيف لأقلية بيضاء، بينما أكد رامافوزا على حق الولايات المتحدة في الحضور بوصفها عضوًا أصليًا في قمة مجموعة العشرين.
كيف تعمل قمة مجموعة العشرين؟
تختلف آلية عمل قمة مجموعة العشرين عن المنظمات الدولية التقليدية، حيث تنقسم إلى مسارين رئيسيين، هما مسار التمويل ومسار الشيربا.
- مسار التمويل: يقود هذا المسار وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية، ويجتمعون أربع مرات سنويًا على الأقل.
- مسار الشيربا: يقود هذا المسار الشيربا، وهم الممثلون الشخصيون لقادة دول قمة مجموعة العشرين، ويضطلعون بمسؤولية الإشراف على المفاوضات وتنسيق العمل الجوهري.
وتُنسق عملية قمة مجموعة العشرين من جانب الشيربا من خلال مبعوثين شخصيين للقادة، بينما يقود وزراء المالية هذا المسار.
وتدعم رئاسة القمة "الترويكاو التي تتكون من الرئاسة الحالية (جنوب أفريقيا)، والرئاسة السابقة (البرازيل 2024)، والرئاسة القادمة (الولايات المتحدة 2026)، وتختتم القمة بـ"إعلان القادة" الذي ينص على التزامات الاقتصادات بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها.
اقتصادات الدول في قمة مجموعة العشرين
تظهر بيانات مجموعة العشرين الاقتصادية تباينًا حادًا بين الدول الأعضاء، خاصة فيما يتعلق بمسار النمو المتوقع للعام 2026.
تصدرت الهند قائمة التوقعات بتحقيق أعلى معدل نمو بنسبة 6.5%، تليها كل من إندونيسيا بنسبة 4.8%، بينما تقاسمت السعودية والأرجنتين المركز الثالث بنفس معدل النمو المتوقع عند 4.5%، ثم جاءت الصين بنسبة 4%، وتلتها تركيا بـ 3.6%، في حين توقع البنك الدولي للبرازيل معدل نمو يقدر بـ 2.2%.
وفي سياق آخر، كشفت إحصائيات الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي عن تحديات مالية كبيرة تواجه بعض الاقتصادات الكبرى.
تصدرت اليابان القائمة بنسبة دين عام هائلة بلغت 200.9%، تليها إيطاليا بنسبة 132%، في حين تجاوزت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حاجز الـ100 بالمئة.
بالمقابل، أظهرت السعودية مركزًا ماليًا قويًا، حيث تمتعت بثاني أقل نسبة دين عام بين دول مجموعة العشرين، بلغت 31.7%، لتسبقها تركيا التي سجلت النسبة الأدنى بـ 21.32% فقط.
تحديات تواجه G20
تواجه قمة مجموعة العشرين تحديات جوهرية، أبرزها الحاجة إلى تحديد أجندة أكثر تركيزًا، نظرًا لتضخم وتعقيد جدول الأعمال، حيث تحرص كل رئاسة على إضافة قضايا جديدة.
يُلاحظ أن المنتدى يعمل بكفاءة أكبر أثناء الأزمات العالمية (مثل الأزمة المالية العالمية ووباء كوفيد-19)، حيث تتجه الأنظار نحو إيجاد حلول سريعة.
وبالرغم من قوة وتأثير قمة مجموعة العشرين، يرى البعض أنها ليست المنتدى المناسب لمناقشة جميع مشاكل العالم.
ويتمثل أحد المقترحات لمعالجة هذه التحديات في الفصل بين المسارات المختلفة أو إنشاء أمانة دائمة لكل مسار لضمان الاستمرارية وتجنب اضطرار كل دولة مستضيفة لقمة مجموعة العشرين إلى بذل جهود ضخمة لتعلم آليات العمل كل عام.













