نحو 5 عقود انقضت على اختفاء موسى الصدر في ظروف لا تزال لغزًا محيرًا، والتقارير الجديدة من ليبيا تعيد القضية إلى واجهة الاهتمام الإعلامي العالمي، حيث ظهرت صورة لعام 2011 لجثة في مشرحة سرية بالعاصمة الليبية طرابلس، يعتقد البعض أنها قد تكون للزعيم الشيعي اللبناني المفقود، موسى الصدر، مما أعاد تسليط الضوء على حدث غيّر مسار العلاقات اللبنانية-الليبية.
صحفي لبناني سويدي، يُدعى قاسم حمادة، كان أول من عثر عام 2011 على ما قد يكون آثار موسى الصدر في مشرحة سرية بطرابلس، حيث رأى مؤرّخ الجثة بين سبع عشرة جثة مبردة، ولفت انتباهه طولها اللافت (يُقال أن طول موسى الصدر كان حوالي 1.98 متر)، مع بقاء بعض ملامح الوجه ولون الجلد والشعر، رغم التحلل .
كما لاحظ حمادة وجود إصابة في الجمجمة؛ إما نتيجة ضربة قوية أو طلقة موجهة فوق العين اليسرى، مما يدعم فرضية الاغتيال، التي تصاحب قصة اختفاء موسى الصدر منذ عقود
على مدى عقدين، طور فريق بقيادة البروفيسور حسن أُغايِل في جامعة برادفورد خوارزمية متقدمة للتعرف العميق على الوجوه، تم تطبيق هذه الخوارزمية على صورة الجثة المريبة مقارنةً بأربع صور لـموسى الصدر من مراحل حياته المختلفة .
يمنح البرنامج الصور درجة من 0 إلى 100، حيث تشير الدرجة بين 60–70 إلى احتمال قوي أن تكون الصورة لشخص أو قريب مقرب، بينما تعتبر الدرجة 70 أو أكثر تطابقًا مباشرًا.
وأشارت النتيجة إلى حصول الصورة على تقييم في الستينيات من المئة، مما يعتبر “احتمالًا كبيرًا” أن تكون الجثة للزعيم موسى الصدر .
وحرص الفريق على اختبار النتيجة عبر مقارنة إضافية مع صور ستة من أفراد عائلة موسى الصدر، وأيضًا مئة صورة عشوائية من رجال الشرق الأوسط المشابهين، فكانت أفضل المطابقات تلك المرتبطة مباشرة بموسى الصدر نفسه .
في مارس 2023، توجه فريق من شبكة “BBC” إلى ليبيا لاستكمال التحقيقات، والتحدث مع شهود محتملين، والبحث عن المبنى الذي التُقطت فيه الصورة، وبعد معاناة طويلة، تمكن الفريق من تحديد المبنى، لكن المفاوضات للتصوير الداخلي فشلت، وتم إلغاء التصاريح فجأة .
وفي اليوم التالي، تعرض الفريق للاعتقال من قبل أفراد من جهاز المخابرات الليبي السابق – وهو ما يعكس حساسية القضية – وتم احتجازهم ستة أيام قبل الإفراج عنهم تحت ضغط من هيئة الإذاعة البريطانية والحكومة البريطانية .
يزعم عدد من المسؤولين، مثل وزير العدل الليبي السابق مصطفى عبد الجليل، أن موسى الصدر قُتل داخل سجون القذافي بعد تزوير أوراق تفيد مغادرته إلى روما .
فيما تدعم جهات لبنانية، ومنها حركة أمل، الرواية بأن موسى الصدر لا يزال على قيد الحياة ومحتجزًا في سجن ليبي، رغم غياب أي دليل ملموس يؤكد ذلك .
ومن جانبه شكك صدر الدين الصدر نجل الإمام، بشكل قاطع في نتائج التحقيق، معتبرا أن الجثة ليست والده.
لم يكتفِ الصحفي قاسم حمادة بتصوير الجثة، بل أخذ عيّنة من بصيلات الشعر في لحظة مفصلية، بغرض إجراء تحليل الحمض النووي للتأكد من هوية الجثة، وُزعت هذه العيّنة على الجهات اللبنانية الرسمية، لكن مكتب نبيه بري في حركة أمل لم يُبلغ أي نتائج، وأُلغي وجود العينة لاحقاً بسبب “خطأ فني.
اخترق هذا التحقيق بدءًا من صورة جثة في مشرحة سرية إلى تطبيق أحدث التقنيات الرقمية، ووصولاً إلى مواجهة سياسية وأمنية معقدة، زوايا جديدة في قضية موسى الصدر.
يبقى الأمر معلقًا بين احتمال العثور على الجثة الحقيقية وتأكيد وفاة الإمام موسى الصدر، أو استمرار الإيمان بأنه حيّ محتجز، رغم غياب البراهين.
القضية تساهم في إعادة فتح ملفات التوتر التاريخي بين لبنان وليبيا، خاصة في سياق عهد القذافي، وتطرح أسئلة عن مصير شخصية بارزة مثل موسى الصدر، الذي احتفظ بمكانة روحية ووجدانية عميقة في وجدان أتباعه الطائفيين والوطن، ويحمل إعادة طرح القضية عبر الصورة الرقمية والجثة الغامضة في طياته إمكانية للمرة الأولى منذ 1978 للتقدم نحو كشف الحقيقة.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| خطة ترامب في غزة.. وصاية أمريكية وتهجير
إنفوجرافيك| الكيان المحتل “منبوذ” بسبب غزة
بعد شائعة وفاة ترامب.. ماذا يحدث في حال وفاة الرئيس الأمريكي؟