logo alelm
غضب في البيت الأبيض.. “نتنياهو خارج عن السيطرة” بعد قصف القصر الرئاسي السوري

بينما كان الدخان والحطام يتصاعدان فوق القصر الرئاسي السوري، ارتفعت أصوات النقاش في الجناح الغربي للبيت الأبيض بشأن بنيامين نتنياهو ووصفه بأنه خارج عن السيطرة تماماً.

وسط هذا التوتر المتصاعد، وصف مسؤولون أمريكيون كبار رئيس الوزراء الإسرائيلي بأقسى العبارات، مع تنامي الشكوك داخل إدارة ترامب حول قدرة رئيس الوزراء الإسرائيلي على ضبط النفس.

قال مسؤول في البيت الأبيض لموقع “أكسيوس” إنه “تصرف كالمجنون. يقصف كل شيء طوال الوقت، وهذا قد يقوض ما يحاول ترامب فعله.”

وأشار مسؤول أمريكي كبير آخر إلى الحادثة الأخيرة بقصف كنيسة في غزة، التي دفعت الرئيس ترامب للاتصال بنتنياهو والمطالبة بتفسير فوري. “الشعور هو أنه كل يوم هناك شيء جديد. ما هذا بحق الجحيم؟”

الانتقادات الأكثر حدة جاءت من مسؤول أمريكي ثالث، الذي عبر عن تشكك متنام داخل إدارة ترامب حول نتنياهو، واصفاً إياه بأن “إصبعه على الزناد سريع جداً وأنه مخل بالاستقرار أكثر من اللازم”. وأضاف بلهجة ساخطة: “نتنياهو أحياناً مثل طفل لا يريد أن يتصرف بشكل جيد.”

التصعيد السوري يفجر الأزمة

الأزمة بدأت يوم الثلاثاء عندما قصفت إسرائيل قافلة من دبابات الجيش السوري في طريقها إلى مدينة السويداء للاستجابة للاشتباكات العنيفة بين ميليشيا درزية وعشائر بدوية مسلحة، والتي قتل فيها أكثر من 700 شخص حتى يوم السبت وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

زعمت إسرائيل أن القافلة عبرت إلى منطقة في جنوب سوريا تطالب بنزع سلاحها، وأن الجيش السوري كان يشارك في هجمات على الأقلية الدرزية، وهو ما تنفيه سوريا.

المحاولات الدبلوماسية الأمريكية فشلت، وطلب المبعوث الأمريكي توم باراك من نظرائه الإسرائيليين يوم الثلاثاء التراجع للسماح بحل دبلوماسي، والتزم الإسرائيليون بذلك في البداية.

لكن بعد توقف قصير، صعدت إسرائيل الضربات بشكل كبير. يوم الأربعاء، ألقت إسرائيل قنابل على المقر العسكري السوري وبالقرب من القصر الرئاسي، في تحدٍ صريح للطلبات الأمريكية.

قال مسؤول أمريكي إن “القصف في سوريا فاجأ الرئيس والبيت الأبيض تماماً. الرئيس لا يحب أن يفتح التلفزيون ويرى قنابل تسقط في بلد يسعى للسلام فيه وقدم إعلاناً تاريخياً للمساعدة في إعادة إعماره.”

هذا الإحباط تحول إلى غضب عندما أخبر وزير الخارجية ماركو روبيو نتنياهو وفريقه بالتوقف يوم الأربعاء، فوافق نتنياهو على ذلك مقابل انسحاب الجيش السوري من السويداء.

ضغوط دولية وانتقادات من أصدقاء ترامب

بحلول ذلك الوقت، كانت دول بما في ذلك تركيا والسعودية قد نقلت رسائل غاضبة لإدارة ترامب حول أعمال إسرائيل، واشتكى عدة مسؤولين أمريكيين كبار مباشرة لترامب حول تصرفات نتنياهو.

من بين هؤلاء المسؤولين كان باراك والمبعوث في البيت الأبيض ستيف ويتكوف، وكلاهما صديق مقرب لترامب، مما جعل انتقاداتهم أكثر وقعاً على الرئيس الأمريكي.

الاعتقاد السائد في البيت الأبيض أن نتنياهو قصف سوريا بسبب ضغوط محلية من الأقلية الدرزية في إسرائيل واعتبارات سياسية داخلية أخرى.

التوترات جاءت في توقيت حساس، بعد أيام قليلة من زيارة نتنياهو الناجحة لواشنطن، حيث التقى بترامب مرتين وبدت العلاقة بينهما أقرب من أي وقت مضى في ضوء ما بعد الحرب مع إيران.

لكن الأحداث الأخيرة غيرت هذا المشهد بشكل جذري، خاصة مع تراكم الحوادث المثيرة للجدل، بما في ذلك الهجوم على الكنيسة في غزة ومقتل الفلسطيني الأمريكي سيف مسالة على يد مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين.

حتى السفير مايك هاكابي، المؤيد الحماسي لإسرائيل منذ فترة طويلة والذي زار محاكمة فساد نتنياهو في عرض للدعم، أصدر سلسلة من البيانات واصفاً هجوم المستوطنين بـ”الإرهاب” ومطالباً بإجابات.

كما انتقد الحكومة الإسرائيلية لجعل الحصول على تأشيرات السفر أصعب للإنجيليين الأمريكيين، مما يظهر مدى انتشار الإحباط حتى بين أقوى حلفاء إسرائيل في الإدارة.

المفاجأة الإسرائيلية والمخاوف الأمريكية

من الجانب الإسرائيلي، كانت المفاجأة واضحة برد الفعل الأمريكي القاسي. قال مسؤول إسرائيلي كبير إن ترامب شجع نتنياهو على الاحتفاظ بأجزاء من سوريا خلال أسابيعه الأولى في المنصب ولم يعبر سابقاً عن مخاوف حول تدخلات إسرائيل في البلاد.

وشدد على أن إسرائيل تدخلت فقط بعد أن أشارت استخباراتها إلى أن الحكومة السورية متورطة في هجمات ضد الدروز، نافياً أي اعتبارات سياسية محلية.

عدم الاستقرار في سوريا أصبح مصدر قلق كبير للإدارة الأمريكية، حيث نشر وزير الخارجية روبيو يوم السبت على منصة X أن النظام في دمشق بحاجة للمساعدة في جلب السلام ووقف القتل.

لكن مسؤولاً أمريكياً كبيراً أكد أن إسرائيل لا يجب أن تكون قادرة على تقرير ما إذا كانت الحكومة السورية يمكنها ممارسة سيادتها على مواطنيها وأراضيها.

نمط متكرر من التحدي

هذه ليست المرة الأولى التي يختبر فيها نتنياهو صبر ترامب بنجاح. رهانه السابق أن ترامب سيدعم في النهاية ضرباته على إيران دفع بطريقة دراماتيكية، كما واصل عملياته في غزة لشهور رغم رغبة ترامب الواضحة في إنهاء الحرب.

في سوريا، راهن مرة أخرى أنه يمكن أن يصعد بشكل درامتيكي دون زعزعة استقرار المنطقة أو علاقته مع ترامب.

أصبح مساعدو ترامب أكثر وعياً في الأشهر الأخيرة بتأثير العناصر اليهودية المتفوقة اليمينية المتطرفة في ائتلاف نتنياهو على السياسة الإسرائيلية.

هذه الديناميكية أصبحت أيضاً أكثر وضوحاً لحركة MAGA الأوسع، مما يثير تساؤلات حول استدامة الدعم الأمريكي غير المشروط لسياسات نتنياهو.

رغم كل هذا التوتر، امتنع ترامب حتى الآن عن النقد العلني لنتنياهو، وليس من الواضح ما إذا كان يشارك مستشاريه إحباطهم العلني.

لكن ستة مسؤولين أمريكيين أخبروا موقع “أكسيوس” أنه رغم وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة والذي أوقف التصعيد في سوريا يوم الجمعة، انتهى هذا الأسبوع مع كون البيت الأبيض أكثر قلقاً بشكل كبير حول نتنياهو وسياساته الإقليمية.

التحذير الأمريكي واضح: المسؤولون الذين تحدثوا مع “أكسيوس” حذروا من أن حظ نتنياهو، وحسن نية ترامب، قد ينفد قريباً إذا استمر هذا النمط من التصرفات غير المتوقعة والتصعيد من جانب واحد.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

2024.. نقطة تحوّل نحو عالم أكثر عنفًا

المقالة التالية

إنفوجرافيك| نمو تاريخي في السياحة بين السعودية وبريطانيا