كشفت تقارير في الإعلام العبري عن مبادرة تجري خلف الكواليس، تحظى بدعم أمريكي، لفرض واقع جديد في حكم غزة بعد الحرب، عبر الدفع برجل الأعمال الفلسطيني البارز سمير حليلة لتولي منصب حاكم القطاع، في خطة يقودها “لوبي” إسرائيلي وتستهدف الحصول على مباركة جامعة الدول العربية.
تكشف وثائق قُدمت لوزارة العدل الأمريكية، بالإضافة إلى محادثات أجرتها منظمة “شومريم” الإسرائيلية مع أطراف معنية، عن تفاصيل الخطة التي تهدف إلى تقديم شخصية فلسطينية تكون مقبولة لدى كيان الاحتلال والولايات المتحدة، وتعمل تحت مظلة عربية، لتجنب الاعتراض الإسرائيلي على تسليم القطاع رسميًا للسلطة الفلسطينية.
وتقوم الخطة على أساس أن جميع الأطراف، بما في ذلك الكيان المحتل، تفضل أن يدير القطاع فلسطيني يعمل تحت حماية أمريكية وعربية، وهو ما يضمن ترتيبات أمنية وسياسية تخدم مصالحها في مرحلة ما بعد الحرب، وتؤسس لشكل جديد من أشكال حكم غزة.
ويقود هذه المبادرة بشكل رئيسي المثير للجدل آري بن مناشي، وهو ضابط استخبارات إسرائيلي سابق وُلد في إيران ويقيم الآن في كندا.
وتظهر سجلات وزارة العدل الأمريكية أن بن مناشي سجل نفسه كعضو في جماعة ضغط لصالح حليلة، بهدف إقناع صناع السياسة في واشنطن بدعم ترشيحه.
وتتجاوز الخطة التي يروج لها بن مناشي مجرد تعيين حاكم، لتشمل مقترحًا أوسع يقضي بنشر قوات أمريكية وعربية في غزة، والحصول على اعتراف من الأمم المتحدة بوضع خاص للقطاع، واستئجار أراضٍ من مصر لإنشاء مطار وميناء بحري في سيناء، بالإضافة إلى تأمين حقوق التنقيب عن الغاز قبالة سواحل القطاع، وكلها ترتيبات تهدف لتثبيت أركان حكم غزة الجديد.
وتأتي هذه التحركات في وقت يعاني فيه قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء الحرب، حيث تجاوز عدد الضحايا عشرات الآلاف، ودُمرت معظم البنية التحتية والمباني السكنية، ونزح غالبية السكان.
وفي ظل هذه المأساة، تبدو المناورات السياسية حول مستقبل حكم غزة منفصلة عن واقع المعاناة اليومية للفلسطينيين، فالحديث عن استثمارات لإعادة الإعمار تقدر بـ 53 مليار دولار، أو خطط لإدخال ألف شاحنة مساعدات يوميًا، يبقى مجرد حبر على ورق طالما لم تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية.
ويتضح من خلال هذه الخطة أن نوايا الاحتلال تتجه نحو فرض حل سياسي يضمن له السيطرة الأمنية الكاملة على القطاع دون تحمل أعباء إدارته المباشرة، فاختيار شخصية تكنوقراطية من خارج الفصائل التقليدية، والدفع بها عبر قنوات أمريكية وإسرائيلية، يشير إلى رغبة في هندسة مستقبل القطاع بما يمنع قيام أي مقاومة مسلحة أو أي كيان سياسي قد يهدد أمن الكيان المحتل مستقبلًا.