يونيو ٢٣, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
هل كانت إيران على بُعد أشهر من إنهاء القنبلة الذرية؟

فيما تصاعد الدخان من منشآت نطنز وأصفهان، يتساءل العالم: هل كانت إيران حقًا على وشك إنتاج قنبلة نووية؟

في لحظة حاسمة، قررت دولة الاحتلال الإسرائيلي توجيه ضربات جوية متزامنة إلى عدد من المنشآت النووية داخل إيران، وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنّ الهجوم يهدف إلى «إيقاف تهديد وجودي»، محذرًا من أنّ «إيران كانت على بُعد أشهر، وربما أسابيع، من امتلاك قنبلة نووية». لكن بين تصريحات القادة، وتحذيرات الخبراء، تكمن طبقات من الشكوك والمفارقات.

ماذا استهدفت إسرائيل؟ وما حجم الدمار؟

في الضربة الأولى التي وُصفت بأنها الأعنف منذ سنوات، تضررت منشأة نطنز، القلب الصناعي لبرنامج إيران النووي. دُمّر جزء من «محطة التخصيب التجريبية»، وتسببت الضربة في شلل كهربائي قد يكون دمّر عشرات أجهزة الطرد المركزي، بحسب تقييمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي أصفهان، استهدفت الضربات أربعة مبانٍ داخل «مركز التكنولوجيا النووية»، بينها مختبر كيميائي مركزي ومنشأة لتحويل اليورانيوم. أما منشأة فوردو، التي بُنيت في عمق جبل لحمايتها من القصف، فأفيد بوقوع «أضرار محدودة» فقط، بينما تشير مصادر إسرائيلية إلى أنها لم تُستهدف بعد، رغم كونها تمثّل عقدة رئيسية في البرنامج النووي الإيراني.

هل اقتربت إيران فعلًا من إنتاج سلاح نووي؟

«البرنامج الإيراني كان عند نقطة الاختراق منذ أشهر»، هكذا قالت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة الحد من الانتشار النووي في «جمعية الحد من التسلح» الأميركية. وأشارت إلى أنّ إيران باتت تملك ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج قنبلة نووية واحدة على الأقل، وأن الوقت اللازم لذلك بات يُقاس بأسابيع لا سنوات.

لكنها في الوقت ذاته، قالت إنّه لا توجد دلائل قوية على أن إيران اتخذت القرار السياسي لصناعة القنبلة، موضحة أن «الأمر لا يتوقف فقط على تخصيب اليورانيوم، بل يشمل تصميم القنبلة وتصنيع المكونات المعقدة لتفعيل الانفجار، وهي خطوات لم ترصدها أجهزة الاستخبارات حتى الآن».

ما الذي تقوله إيران؟

ردًّا على الضربات، أطلقت طهران صواريخ وطائرات مسيّرة تجاه إسرائيل، واتهمت تل أبيب بـ«تجاوز كل الخطوط الحمراء في القانون الدولي». وجدد وزير خارجيتها، عباس عراقجي، التأكيد على أنّ البرنامج النووي الإيراني «سلمي تمامًا»، وأن بلاده ترفض «امتلاك أو تطوير أي سلاح نووي بموجب عقيدتها الدينية والسياسية».

ولا تبدو الشكوك حول الطموحات النووية الإيرانية جديدة. فالوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت قد أعلنت في تقريرها الأخير أن طهران راكمت كمية من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% تكفي لصناعة نحو تسع قنابل، إذا ما خُصِّب إلى 90%، وهي النسبة المطلوبة لصناعة الأسلحة النووية.

لكن المدير العام للوكالة، رافائيل جروسي، أوضح أن «إيران لا تتعاون حاليًا مع التحقيقات حول جزيئات اليورانيوم التي عُثر عليها في مواقع غير معلنة»، ما يفتح الباب أمام مخاوف من أنشطة سرية. ومع ذلك، شدّد على أن «الوكالة لا تملك أدلة حاليًا على وجود برنامج تسليحي نشط».

ماذا عن الماضي؟ وماذا تغيّر بعد 2003؟

البرنامج النووي الإيراني كان أكثر غموضًا في الماضي. فمنذ أواخر الثمانينيات حتى عام 2003، نفذت طهران أنشطة وصفتها الوكالة بأنها «مرتبطة بتطوير سلاح نووي»، ضمن مشروع سري يُعرف بـ«أمد». وقد عُلق المشروع لاحقًا بأمر من المرشد الأعلى علي خامنئي، بحسب تقييمات الاستخبارات الأميركية.

لكن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018، وعودة العقوبات، دفع إيران إلى تجاوز قيود الاتفاق. رفعت نسبة التخصيب، وشغّلت أجهزة طرد مركزي متقدمة، واستأنفت النشاط في منشأة فوردو المحصّنة.

هل نجحت الضربات في وقف البرنامج؟

ربما تكون الضربات قد أخّرت البرنامج، لكنها لم تجهز عليه. فالمعرفة النووية لا تُقصف، وهي حاضرة في عقول آلاف العلماء. كما أن بناء المنشآت مجددًا لم يعد يستغرق عقدًا كما في السابق.

تقول دافنبورت «طالما بقيت فوردو تعمل، تبقى لدى إيران القدرة على الوصول إلى القنبلة»، محذّرة من أنّ «الهجمات قد تزيد عزلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتدفع إيران لتقليص التعاون».

هل تشعل هذه الضربات سباقًا نوويًا جديدًا؟

تقف المنطقة على مفترق حساس. فإسرائيل لا تؤكد ولا تنفي امتلاكها للسلاح النووي، بينما تزداد الضغوط على السعودية لامتلاك برنامج مشابه. أي خطوة إضافية قد تجرّ المنطقة إلى دوامة غير محسوبة من الانتشار النووي، ويزداد خطر الصدام في منطقة مشتعلة أصلًا.

وفي ختام المشهد، يظل السؤال مفتوحًا: إذا كانت القنبلة لم تُصنع بعد، فهل الحرب التي اندلعت فعلًا، كانت لمنع ما لم يحدث؟

اقرأ أيضًا:

إيران تهرّب اليورانيوم قبل الضربة الأمريكية.. هل فشلت «مطرقة منتصف الليل»؟

إدانة وقلق وتأييد.. أصداء عالمية للضربة الأمريكية على إيران

هل يخطط ترامب لإسقاط نظام طهران؟

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

دارة الملك عبد العزيز تُطلق مبادرة “وثائق الدارة” الرقمية

المقالة التالية

إنفوجرافيك| أبرز المرشحين لخلافة “خامنئي” حال اغتياله