إنفوجرافيك| لماذا تعد اللحوم من أسوأ مصادر الاحتباس الحراري؟

نوفمبر ٨, ٢٠٢٥

شارك المقال

إنفوجرافيك| لماذا تعد اللحوم من أسوأ مصادر الاحتباس الحراري؟

يشكل إنتاج اللحوم عبئًا بيئيًّا كبيرًا، ليس فقط من ناحية استنزاف الموارد، بل من ناحية الاحتباس الحراري، حيث أشارت دراسة حديثة إلى أن نظام إنتاج الغذاء العالمي ما بين زراعة وحيوانات يساهم بنحو ثلث غازات الدفيئة البشرية، ويُضاف إلى ذلك أن اللحوم، خاصة لحوم البقر، تتحمّل الجزء الأكبر من هذا العبء. فكيف يحدث ذلك؟ وما هي الأرقام التي تكشف حجم الضرر؟

أولًا: الصورة الشاملة لنظام إنتاج الغذاء والانبعاثات

إنتاج الغذاء: مسؤول عن حوالي ثلث الانبعاثات العالمية

تشير دراسات حديثة إلى أن نظام إنتاج الغذاء العالمي (بما في ذلك زراعة المحاصيل، إدارة الأراضي، تربية الحيوانات، ونقل الأغذية) يُصدر نحو 17.3 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًّا، حيث يغطي هذا الرقم العمليات الكاملة من الأرض إلى المائدة، ويُعتبر أكبر من ضعف حجم الانبعاثات السنوية في الولايات المتحدة، ويُشكّل حوالي 35 % من الانبعاثات البشرية العالمية.

من هذا الإجمالي، تُرجع الدراسة أن 57 % من انبعاثات إنتاج الأغذية تأتي من إنتاج الغذاء الحيواني (تربية الحيوانات وإنتاج علفها) مقابل 29 % من المحاصيل النباتية و14 % من الاستخدامات الزراعية الأخرى كالقطن والمطاط.

اللحوم على رأس القائمة

من اللافت أن لحوم البقر وحدها تُشكّل نحو رُبع الانبعاثات الناتجة عن نظام إنتاج الغذاء، مما يضعها في الصدارة بين الأغذية الملوثة للبيئة، والتي تؤدي إلى الاحتباس الحراري

كما أن الإنتاج النباتي بعامة يُعد أقل تلويثًا بكثير، لأن الزراعة النباتية لا تتطلب عمليات هضم تنتج غازات دفيئة كبيرة كما في الماشية، ولا تستخدم مساحات هائلة لتحويلها إلى مراعٍ أو علف.

إضافة إلى ذلك، يُنتج النظام الغذائي العالمي وحده معدلًا من الانبعاثات يُعد من أعلى المُسجَّلة في قطاعات اقتصادية متعددة، وهو ما يضع تحدِّيًا أمام صانعي السياسات في كيفية تقليله، كما قال أحد الباحثين المعنيين: “الانبعاثات كانت أعلى مما توقعنا … البيانات تشير إلى أن النظام الكامل لإنتاج الغذاء يجب أن يُعاد النظر فيه”.

ثانيًا: آليات التأثير التي تجعل اللحوم الأخطر على المناخ

1. تحويل الأراضي وقطع الغابات

إنتاج اللحوم يتطلب مساحات شاسعة من الأراضي لإما مراعي للحيوانات أو لزراعة العلف، وفي كثير من الحالات، تُقطع الغابات لإفساح المجال لهذه الأراضي، مما يؤدي إلى إطلاق كميات ضخمة من الكربون المخزّن في التربة والأشجار.

وبالتالي، يخسر الكوكب قدرته على امتصاص الكربون، مما يفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.

2. انبعاثات الميثان من الحيوانات

الماشية — خاصة الأبقار — تُعدّ من المصادر الرئيسية لانبعاث غاز الميثان (CH₄) خلال عملية الهضم (التخمّر المعوي)، ويعد الميثان أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون في قدرته على تسخين الكوكب على المدى القصير، وتختلف درجات التأثير حسب نوع الحيوان، لكن البقر يبرز بالأعلى في هذه القائمة.

3. إنتاج العلف وتوريده

لتربية الحيوانات بكميات كبيرة، تحتاج المزارع إلى كمية ضخمة من العلف (الذرة، فول الصويا، وغيرها). زراعة هذه المحاصيل تستخدم الأسمدة، المبيدات، الآلات، والنقل — وجميعها تُنتج انبعاثات إضافية من غازات الدفيئة.

بمعنى آخر، اللحوم ليس فقط “الماعز أو البقر” بل سلسلة معقدة من الإنتاج الزراعي.

4. النقل والمعالجة والتخزين

حتى بعد إنتاج اللحوم، تمر بعمليات المعالجة والتبريد والنقل والتوزيع — وكل خطوة تضيف انبعاثات إلى السلسلة. رغم أن دورها ليس الأعلى، فإنها تسهم بشكل لا يمكن تجاهله في إجمالي الانبعاثات.

ثالثًا: ما التبعات وما الحلول الممكنة؟

اختلاف التأثير بين اللحوم والمنتجات النباتية

بينما ينتج الكيلوغرام الواحد من القمح أو الحبوب عدة كيلوجرامات من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ضمن معايير الزراعة والنقل)، فإن إنتاج كيلوجرام من لحم البقر قد يُصدر أكثر من 60–70 كيلوجرامًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في بعض الحالات، ويظهر هذا الفارق الهائل لماذا تُعد اللحوم – لا سيما البقر – من أسوأ المساهمين في ظاهرة الاحتباس الحراري.

كما أن الدراسات تؤكد أن إنتاج البروتين النباتي أصغر بكثير في بصمته الكربونية، ما يتيح للمستهلكين خيارات بديلة أقل ضررًا.

الاتجاه نحو لحوم مُخفّفة التأثير أو بدائل

بعض الأبحاث تشير إلى أن اللحوم المُنتَجة في المختبر (اللحوم المزرعية أو المَصنَّعة من الأنسجة) قد تقلّل الانبعاثات إذا ما استخدمت مصادر طاقة متجددة وتقنيات فعّالة، لكن الواقع الحالي لا يزال يُظهر تحديات كبيرة من حيث استهلاك الطاقة والموارد.

كما يُقترح أن تقنيات مثل تعديل تغذية الماشية (مثلاً بإضافة الأعشاب البحرية)، الهندسة الدقيقة لميكروبات الجهاز الهضمي، والتربية المُوجَّهة قد تخفض الانبعاثات في المستقبل.

تغيير في العادات الغذائية والوعي الشعبي

لا يهدف الباحثون أو النشطاء إلى فرض أنماط غذائية على الآخرين، لكنهم يدعون إلى إعادة النظر في الاستهلاك، والاتجاه أكثر نحو النباتات أو تقليل اللحوم الحمراء، كما أظهرت دراسات أن النظم النباتية (النباتية الصارمة أو المختلطة) قد تُقلل الأثر البيئي الغذائي على ظاهرة الاحتباس الحراري، إلى أقل من 30 % مقارنة مع الأنظمة التي تعتمد على اللحوم.

ومن المهم أيضًا أن تُدمج سياسات حكومية تشجيعية مثل الضرائب على اللحوم الأكثر تلويثًا أو دعم البدائل الغذائية المستدامة.

يمكنك أن تقرأ أيضًا:

لماذا لا تُعتبر الأسنان عظامًا؟

10 أشياء غير متوقعة صنعها العلماء باستخدام الحمض النووي

زراعة البراز.. نهج علمي جديد لعلاج الاكتئاب

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech