لماذا لا تُعتبر الأسنان عظامًا؟

نوفمبر ١, ٢٠٢٥

شارك المقال

لماذا لا تُعتبر الأسنان عظامًا؟

للوهلة الأولى، تبدو الأسنان شبيهة بالعظام إلى حد كبير؛ فكلاهما صلب، أبيض، وغني بالكالسيوم. لكننا لا نعتبر الأسنان جزءًا من الجهاز الهيكلي العظمي.

أبرز أوجه التشابه بين العظام والأسنان هو في تركيبهما: نسيج صلب مكوَّن من معادن مثل الكالسيوم والفوسفور والفلوريد والمغنيسيوم، وعلى المستوى الجزيئي، تتخذ هذه المعادن بنية بلورية صلبة، وهي التي تمنح كلاً من الأسنان والعظام صلابتهما الفائقة مقارنة ببقية أنسجة الجسم.

ويقول الدكتور إدموند هيويت، أستاذ طب الأسنان بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس: “كلاهما نسيج معدنيّ، لكن بصراحة، هنا تنتهي أوجه الشبه”.

وظائف الأسنان والعظام

أحد الأسباب التي تجعل الأسنان لا تُعتبر جزءًا من الجهاز الهيكلي هو أنها تؤدي وظيفة مختلفة تمامًا عن وظيفة العظام، بحسب ما أوضح الدكتور هيويت.
فالمهمة الأساسية للأسنان هي تقطيع الطعام وطحنه عند دخوله إلى الجهاز الهضمي، كما تلعب دورًا مهمًا في تكوين الأصوات والنطق السليم. ولهذا السبب، تُعدّ الأسنان جزءًا من الجهاز الهضمي وليس الهيكلي.

أما العظام، فلها وظائف أخرى؛ فهي تمنح الجسم شكله وتوفّر له الدعامة، وتشكل نقاط اتصال للعضلات التي تمكّن الإنسان من الحركة، كما تقوم بحماية الأعضاء الحيوية، إذ تحتوي على أجزاء أساسية مثل القلب والرئتين داخل القفص الصدري.

وتعمل العظام أيضًا كمصنع لإنتاج خلايا الدم الحمراء والبيضاء، التي تنقل الأكسجين في أنحاء الجسم وتلعب دورًا محوريًا في عمل الجهاز المناعي.

على صعيد آخر، هناك قدر بسيط من التداخل الوظيفي بين العظام والأسنان؛ فعظام الفك -على سبيل المثال- تدعم الأسنان وتُسهم بدور أساسي في عملية المضغ.

وقال هيويت: “إنهما يعملان معًا، لكنهما منفصلان”.

تكوين الأسنان والعظام

نظرًا لاختلاف وظائف العظام عن الأسنان، فإن بنيتهما تختلف كذلك؛ فالطبقة الخارجية للأسنان تُعرف باسم المينا، وهي طبقة رقيقة من نسيج معدني تُعدّ أقسى مادة في جسم الإنسان، وتستمد هذه الصلابة من بلورات متراصّة بكثافة مكوّنة من مركّب الكالسيوم والفوسفات.

وتقع تحت المينا طبقة تُسمّى العاج، وهي نسيج معدنيّ أيضًا، لكنه أقل صلابة قليلًا من المينا. ويُشكّل العاج الجزء الأكبر من بنية السن، ويحتوي على أنابيب مجهرية دقيقة تمرّ عبرها الأوعية الدموية والنهايات العصبية.

أما لبّ السن، وهو مركزه الداخلي، فيتكوّن من مادة هلامية تحتوي على شبكة من الأوعية الدموية التي تُغذّي السن وتصل إلى الأعصاب المسؤولة عن الإحساس بداخله.

فيما تختلف بنية العظام تمامًا عن الأسنان؛ إذ تُغطّى العظام بطبقة خارجية رقيقة وقوية تُسمّى السمحاق، وتحتوي على أوعية دموية وأعصاب ضرورية لنمو النسيج العظمي والتئامه.
تليها طبقة من العظم الكثيف المتين، وهو الذي يمنح العظم صلابته، وفي داخل العظام توجد النسيج الإسفنجي، وهو مادة تشبه الإسفنج مليئة بفراغات صغيرة تحتوي على نخاع العظم، حيث يتم تكوين خلايا الدم الجديدة.

الأنسجة الحية مقابل الأنسجة

على عكس الأسنان، العظام تحتوي على أعصاب وأوعية دموية في الداخل والخارج، ويعود ذلك إلى أن العظام نسيج حي، بينما الأسنان ليست كذلك، وهذا أحد أهم الفروق بينهما.

تتكون الأسنان أثناء التطور الجنيني وفي مرحلة الطفولة المبكرة من خلايا متخصصة تُسمّى أميلا بلاست وأودونتو بلاست، والتي تقوم بتكوين طبقات المينا والعاج التي تتصلب مع مرور الوقت.

وعند اكتمال هذه العملية، تموت الخلايا المكونة للمينا، ما يعني أنه إذا تكسر أو انكسر جزء من السن، فإن هذا النسيج المفقود لن ينمو مرة أخرى. وعلى الرغم من أن لب السن يتكوّن من نسيج حي، إلا أنه لا يستطيع إعادة تكوين الطبقات الخارجية من العاج أو المينا.

أما العظام، فهي هياكل ديناميكية تعيد تشكيل نفسها باستمرار. فهي تحتوي على شبكة من الأوعية الدموية والأعصاب وخلايا حية تُعرف باسم أوستيوبلاست وأوستيوكلاست، حيث تقوم الأولى ببناء العظم الجديد وتقوم الثانية بهدم الأنسجة القديمة.

ويسمح هذا التجدد المستمر للشعور بالشفاء بعد الكسور والتكيف مع التغيرات الجسدية، مثل اختلاف مستويات الضغط أو النشاط البدني للفرد. في الواقع، يُجدد معظم الهيكل العظمي للبالغين بالكامل تقريبًا كل 10 سنوات.

وقال هيويت: “العظم جزء حي من الجسم أكثر من الأسنان، لكن اعتنِ بأسنانك؛ فهي لن تنمو مرة أخرى”.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech