
كشفت أبحاث حديثة أن زراعة البراز قد تمثل وسيلة واعدة للتخفيف من أعراض الاكتئاب، إذ أظهرت مراجعة علمية شاملة أن هذا النوع من العلاج يكون أكثر فعالية عندما تُنقل الميكروبات النافعة مباشرة إلى الأمعاء عن طريق الحقن الشرجي، مقارنة بالطرق الفموية.
ووفقًا لتحليل تلوي (طريقة إحصائية تُستخدم لدمج نتائج دراسات متعددة) شمل 12 دراسة عشوائية ضمّت 681 مشاركًا، تبيّن أن زراعة ميكروبات البراز تُحدث تأثيرًا مضادًا للاكتئاب يستمر لفترة زمنية محدودة، ويكون أوضح لدى المرضى المصابين أيضًا بمتلازمة القولون العصبي. ومع ذلك، لوحظ أن التأثير الإيجابي يبدأ بالتراجع بعد مرور نحو ستة أشهر على العلاج.
وتستهدف عملية الزرع استعادة توازن الميكروبيوم المعوي – أي مجتمع البكتيريا والفطريات والكائنات المجهرية الأخرى التي تعيش في الجهاز الهضمي – والذي قد يختل بسبب المرض أو الاستخدام المطوّل للمضادات الحيوية. إذ يُعتقد أن إعادة بناء بيئة ميكروبية صحية في الأمعاء يمكن أن تُعيد أيضًا التوازن الكيميائي في الدماغ، ما ينعكس إيجابًا على الحالة النفسية.
لكن فريق الباحث شياوتاو تشانغ من جامعة نانجينغ أشار إلى أن مدة متابعة المشاركين في الدراسات السابقة تراوحت بين أسبوعين وعام واحد فقط، وفي بعض التجارب تلقى المرضى جرعة واحدة لا غير. لذلك لا تزال فعالية العلاج على المدى البعيد موضع تساؤل، مما يستدعي إجراء دراسات أكثر اتساعًا واستمرارية لتأكيد النتائج.
وإلى جانب الاكتئاب، كشفت الأبحاث عن فوائد محتملة لزراعة البراز في معالجة السمنة والسكري من النوع الثاني وبعض الالتهابات البكتيرية الخطيرة التي قد لا تستجيب للمضادات الحيوية. غير أن هذا الإجراء لا يخلو من المخاطر، إذ قد يؤدي نقل ميكروبات غير مناسبة إلى اختلال في الجهاز الهضمي أو إلى مضاعفات صحية حادة إذا لم يتم تحت إشراف طبي صارم.
يحذّر الخبراء من تنفيذ مثل هذه العمليات خارج الإطار الطبي المتخصص، مؤكدين أن نقل ميكروبات من مصدر غير مضمون قد يسبب أضرارًا أكثر من الفوائد المرجوّة. ورغم هذه التحديات، يرى بعض العلماء أن الحفاظ على تنوّع وصحة الميكروبات المعوية قد يكون مفتاحًا لصحتنا الجسدية والعقلية معًا، بل يقترح بعضهم حفظ عينات من براز الإنسان في مرحلة الشباب واللياقة لاستخدامها مستقبلًا إذا اختل توازن الميكروبيوم لاحقًا.
ومع وجود ما يقرب من 330 مليون شخص حول العالم يعانون من الاكتئاب، وعدم فعالية العلاجات التقليدية لدى نسبة كبيرة منهم، يبدو أن العلاقة الوثيقة بين الأمعاء والدماغ تمثل أفقًا جديدًا في فهم هذا الاضطراب وعلاجه. وتشير نتائج مراجعة تشانغ وفريقه إلى أن استعادة التوازن الميكروبي في الأمعاء قد تكون مفتاحًا فعليًا لتحسين المزاج لدى بعض المرضى.
اقرأ أيضًا:
كيف تساعد الميكروبات المعوية أدمغتنا على النوم؟
بكتيريا الجهاز الهضمي.. هذا ما يتكون منه الميكروبيوم المعوي
الاكتئاب.. من الأكثر عرضة النساء أم الرجال؟