تعود المخاوف من شبح تقسيم السودان إلى الواجهة مجددًا، وسط أحداث متصاعدة قد تؤدي إلى تمزيق البلاد بعد إحكام ميليشيا الدعم السريع قبضتها العسكرية على إقليم دارفور.
ويتفاقم هذا القلق مع إنذار “حكومة الدعم السريع” الموازية بطول أمد الصراع، وتهديدها المباشر لمؤسسات الدولة المتبقية.
مخاطر تقسيم السودان
يفتح هذا السيناريو الباب أمام مخاطر داخلية مدمرة، تتمثل أولاها في مفاقمة الأزمة الإنسانية، حيث يصبح وصول المساعدات شبه مستحيل، وتتزايد موجات النزوح الداخلي.
كما أن تفكيك البلاد جراء هذا الصراع يخلق بيئة خصبة لنمو الإرهاب، مما يفاقم الأوضاع الأمنية غير المستقرة أصلًا ويهدد بانهيار كامل، ويُعتبر هذا التهديد أخطر نتائج تقسيم السودان.
ويتبع ذلك انهيار اقتصادي شامل وضياع لثروات البلاد، حيث أن تقسيم السودان يعني استحالة استثمار هذه الثروات في ظل الانقسام السياسي والعسكري.
وتمتد تداعيات تقسيم السودان لتشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي، ويحذر المراقبون من زعزعة استقرار الحدود، وتوسع أزمة تدفق اللاجئين إلى دول الجوار التي تعاني أصلًا من ضغوط اقتصادية، وقد يغذي هذا الانقسام النزعات الانفصالية ويشجع الميليشيات المتمردة في الدول المجاورة.
ويتسع نطاق الخطر ليشمل حركة التجارة الدولية، مع تصاعد المخاوف الأمنية ومخاطر الترهيب في ممرات حيوية.
وتعليقاً على هذه المخاطر، قال الكاتب الصحفي، فتح الرحمن يوسف، في برنامج “هنا الرياض” على قناة “الإخبارية”، إن العالم “يعلم جيداً أن السودان يمثل قلب إفريقيا النابض، وفي رأيي هو قلب الأمن العالمي النابض أيضًا”.
وأشار يوسف أن تقسيم السودان يهدد مصالح جيوسياسية كبرى وممرات أمنية حيوية، مشدّدًا على أهمية تأمين البحر الأحمر، الذي “يعد أحد أهم ممرات العالم ويسمح بتمرير 13% من التجارة العالمية”.
وحذر من أنه “إذا لم يعمل العالم على الوقوف إلى جانب الشعب السوداني وحكومته الحالية ستتحول هذه المخاوف إلى واقع”.
وانتقد يوسف موقف المجتمع الدولي، قائلًا إن لديه “مشكلة في استيعاب أن هذه الحرب ضد الشعب السوداني لا ضد حكومة”، وألمح إلى استخدام سياسات “لي الذراع” ضد الحكومات وصفها بـ “المغضوب عليها” من الدول الكبرى.
وأكد الكاتب الصحفي أنه “لن تُفرض أي حلول لا من المجتمع الدولي على السودان”، لأن إرادة الشعب “لن تنكسر”.
وأضاف: “صحيح أن أمريكا لديها قدراتها ومصالحها، ولكن ستتكسر رغباتها أمام الشعب السوداني”، داعيًا واشنطن إلى الاستماع للشعب إذا أرادت الانخراط في تسوية حقيقية.
وحدد يوسف مطالب الشعب السوداني بـ “إيقاف المد اللوجستي الضخم من دولة معروفة للدعم السريع، ومحاكمة الدعم السريع، ووقف المذابح”.
ووصف المفاوضات الجارية بأنها “مراوغات لإيهام العالم أن هناك حلول قادمة”، مشددًا على أن أي مفاوضات يجب أن تحقق إرادة الشعب في وقف الحرب واسترداد ممتلكاته، ورفض أي مسار يؤدي إلى تقسيم السودان.














