شن الكيان المحتل، اليوم الاثنين، غارة جوية استهدفت سجن “إيفين” سيئ السمعة في شمال طهران. هذه الخطوة، التي وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنها جزء من ضربات “بقوة غير مسبوقة”، تنقل المواجهة من مجرد استهداف مواقع نووية وعسكرية إلى ضرب الرموز السياسية للنظام الإيراني.
يأتي هذا التطور في وقت حرج، وبعد يوم واحد فقط من الضربة الأمريكية على إيران التي استهدفت منشآت نووية، ليمثل تصعيدًا جديدًا في الحرب الدائرة بين الاحتلال وإيران منذ أكثر من أسبوع.
بحسب بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن الضربة التي طالت سجن إيفين كانت “دقيقة” واستهدفت البوابة الرئيسية المحصنة للمجمع والمباني الإدارية المجاورة. ونشر وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر مقطع فيديو على منصة “إكس” يظهر انفجارًا ضخمًا في الموقع، معلقًا بعبارة: “تحيا الحرية!”. وقد وصفت البيانات الرسمية الإسرائيلية الغارة بأنها ضربة رمزية لا تهدف لإيذاء السجناء، بل لتقويض قدرة النظام على اعتقال المعارضين وإسكاتهم.
على الجانب الإيراني، أكدت وسائل الإعلام الرسمية وقوع الهجوم، حيث بثت هيئة الإذاعة والتلفزيون مقطع فيديو يظهر رجال الإنقاذ وهم يمشطون حطام سجن إيفين. ونقلت وكالة أنباء “ميزان” التابعة للقضاء الإيراني أنه تم اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية صحة وسلامة السجناء. وتضاربت التقارير حول أهداف أخرى في المنطقة، حيث أفادت وكالة “تسنيم” بوقوع ضربة في محطة تغذية كهربائية بحي إيفين، بينما نفت جامعة “الشهيد بهشتي” القريبة تعرضها لأي هجوم.
تم بناء سجن إيفين في عام 1972 في عهد الشاه، ثم تحول بعد الثورة الإسلامية عام 1979 إلى مركز الاحتجاز الرئيسي للسجناء السياسيين ومعارضي النظام، وأصبح مرادفًا للقمع في الذاكرة الإيرانية، بحسب وسائل إعلام. ويُحتجز داخل أسوار سجن إيفين اليوم ما يُقدر بـ 10,000 إلى 15,000 سجين، من بينهم متظاهرون، صحفيون، أكاديميون، بالإضافة إلى مواطنين مزدوجي الجنسية وزوار أجانب متهمين بقضايا مختلفة كالتجسس. ولطالما اعتبرت الحكومات الغربية ومنظمات حقوق الإنسان سجن إيفين مركزًا لنظام الاعتقال التعسفي والمحاكمات السرية في إيران.
واكتسب سجن إيفين سمعته المروعة من أساليبمعاملة السجناء التي وُثقت على مدى عقود ونقلتها وسائل إعلام عالمية. ففي تقرير لمنظمة العفو الدولية عام 2020، تم توثيق تعرض المعتقلين بشكل روتيني للضرب والصعق الكهربائي والإذلال الجنسي. كما وثّقت “هيومن رايتس ووتش” الاستخدام الواسع النطاق لـ”التعذيب الأبيض” في الجناح 209 سيئ السمعة، حيث يُعاني السجناء معصوبو الأعين من الحبس الانفرادي لفترات طويلة في زنازين بيضاء بالكامل، في أسلوب مصمم لتدمير حالتهم النفسية والعقلية وانتزاع اعترافات قسرية.
يأتي استهداف سجن إيفين في وقت تتزايد فيه الضغوط على طهران، فبعد أن بدأت الولايات المتحدة تقصف إيران، صعّد الرئيس دونالد ترامب من لهجته، مطالبًا بـ”الاستسلام غير المشروط” ومهددًا بأن “صبر أمريكا ينفد”. ويرى محللون أن الضربة الإسرائيلية على السجن قد تكون جزءًا من استراتيجية أوسع لتشجيع الحراك الداخلي، بالتزامن مع الضغط العسكري الخارجي الذي تمثله الضربة الأمريكية على إيران.
ويضع تزامن الضربتين الإسرائيلية والأمريكية النظام الإيراني أمام خيارات محدودة ومحفوفة بالمخاطر. فبينما تواصل إيران إطلاق الصواريخ على إسرائيل، تجد نفسها الآن في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة. وقد حذرت طهران مرارًا من أنها سترد على أي هجوم أمريكي، لكن قدرتها على الرد قد تكون تضاءلت بعد الضربات المكثفة التي استهدفت قادتها وبنيتها التحتية العسكرية، وبعد أن أثبتت الضربة الأمريكية على إيران قدرة واشنطن على الوصول إلى أهدافها. وفيما يدرس ترامب خياراته، والتي تشمل تكثيف الضربة الأمريكية على إيران، يترقب العالم رد إيران على أمريكا، وما إذا كان استهداف رمز مثل سجن إيفين سيؤدي إلى تصعيد غير محسوب أم سيعمق من أزمة النظام داخليًا.