logo alelm
أوروبا أمام اختبار اقتصادي في ظل تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية

يواجه النموذج الاقتصادي الأوروبي القائم على التصدير أكبر تحدياته منذ عقود، في ظل تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية عقابية بنسبة 30% على السلع الأوروبية. ورغم أن القادة الأوروبيين لا يزالون يأملون في التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي في الأول من أغسطس، إلا أن هذا التهديد يجبر أوروبا على إعادة التفكير في أسس علاقتها التجارية البالغة 1.7 تريليون دولار مع الولايات المتحدة، والتي تعد الشريك التجاري الأكبر لها.

ويأتي هذا التصعيد في وقت تتسم فيه علاقة ترامب بالاتحاد الأوروبي بالتقلب، حيث يصفه أحيانًا بالصديق، وفي أحيان أخرى يتهمه بأنه مصمم لتدمير الولايات المتحدة، مما يبقي التهديد بفرض رسوم جمركية مرتفعة قائمًا بقوة.

تداعيات اقتصادية مدمرة على أوروبا

حذر المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش، من أن فرض رسوم جمركية بنسبة 30% “سيجعل من المستحيل تقريبًا مواصلة التجارة” كما كانت عليه، بل إنه “يحظر التجارة عمليًا”. هذا التأثير سيطال مجموعة واسعة من الصادرات الأوروبية، من الأدوية إلى السيارات والنبيذ، ويجعلها باهظة الثمن للمستهلكين الأمريكيين.

وتشير تقديرات خبراء الاقتصاد في “باركليز” إلى أن متوسط معدل التعريفات الجمركية بنسبة 35% (بما في ذلك الرسوم الانتقامية) من شأنه أن يقلل من ناتج منطقة اليورو بنحو 0.7 نقطة مئوية، وهو ما سيلتهم معظم النمو الهزيل بالفعل. ومن المرجح أن يدفع هذا الوضع البنك المركزي الأوروبي إلى خفض سعر الفائدة مرة أخرى، ربما إلى 1% بحلول مارس 2026.

ومن المرجح أن تكون ألمانيا، باعتبارها أكبر اقتصاد قائم على التصدير في أوروبا، الأكثر تضررًا. فقد خلص تقدير سابق صادر عن المعهد الاقتصادي الألماني “آي دبليو” إلى أن فرض رسوم جمركية تتراوح بين 20% و 50% سيكلف الاقتصاد الألماني أكثر من 200 مليار يورو بحلول عام 2028. وقد أقر المستشار الألماني فريدريش ميرز بأن هذه الرسوم الجمركية “ستضرب صناعة التصدير الألمانية في الصميم”، وستجبر حكومته على “تأجيل أجزاء كبيرة من جهود السياسة الاقتصادية”، مثل خطط خفض الضرائب وتجديد البنية التحتية المهملة.

معضلة أوروبا.. لا بدائل تجارية جاهزة 

 تكمن المشكلة الأكبر التي تواجه أوروبا في أنه “ليس لديها أسواق مختلفة يمكنها التوجه إليها” بسهولة لتعويض الخسارة المحتملة في السوق الأمريكي، وفقًا لمحللين. فسياسة تنويع التجارة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي بطيئة، وغالبًا ما تواجه صعوبة في استكمال اتفاقيات التجارة الحرة الكبرى، مثل الاتفاقية مع مجموعة “ميركوسور”.

ويرى بعض المراقبين أن هذه المواجهة مع ترامب قد تكون هي الصدمة التي تحتاجها أوروبا لاستكمال إصلاحات طال انتظارها لسوقها الموحدة. فقد قدر صندوق النقد الدولي أن الحواجز الداخلية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على نفسه تعادل رسومًا جمركية بنسبة 44% على السلع. لكن إزالة هذه الحواجز أمر صعب، لأن الدول الأعضاء نفسها هي من تفرضها لمصلحتها الخاصة.

وفي مواجهة هذا المأزق، تتمسك أوروبا حاليًا باستراتيجية مزدوجة: إبقاء الباب مفتوحًا للمفاوضات، مع تجهيز حزمة من الإجراءات الانتقامية في حال فشل المحادثات. وبينما يأمل البعض أن يؤدي عدم اليقين الناجم عن هذه الأزمة إلى تأخير خفض أسعار الفائدة في أمريكا، وهو ما قد يشكل ورقة ضغط على ترامب، فإن الحقيقة الواضحة هي أن تهديد الرسوم الجمركية قد أجبر أوروبا على مواجهة حقيقة اعتمادها الكبير على التصدير.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| أطول حرب في التاريخ.. 3 قرون بدون إصابات

المقالة التالية

كيف أصبح تكييف الهواء أزمة طاقة عالمية؟