أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع تصعيد عسكري خطير في ريف السويداء الغربي، حيث تجددت الخروقات للهدنة المتفق عليها. وأسفرت الاشتباكات والقصف المتبادل يوم الأحد عن مقتل ستة أشخاص، مما يرفع من حالة التوتر الميداني في المنطقة. ووفقًا للمرصد، شملت الخروقات إطلاق نار بالرشاشات الثقيلة باتجاه بلدة عرى، واستهداف بلدة عريقة بقذائف الهاون. وفي المقابل، قصفت قوات الأمن بلدة رساس انطلاقًا من محور كناكر.
وقدم الكاتب الصحفي السوري حسن الدغيم، خلال حديثه لبرنامج “هنا الرياض” المُذاع على قناة الإخبارية، تحليلًا مفصلًا للأحداث الأخيرة في محافظة السويداء، موضحًا أن خرق الهدنة الأخير والهجوم على قوات الأمن السورية لم يكن حدثًا عفويًا، بل هو نتيجة مباشرة لصراعات داخلية عميقة بين الفصائل المسلحة وظهور أجندات خارجية تسعى لزعزعة الاستقرار.
أوضح الدغيم أن الأسئلة تفجرت داخل محافظة السويداء بعد أن نكثت الفصائل والعصابات الخارجة عن القانون بوعودها لأهالي المحافظة، حيث لم يفدهم الاستقواء بالأجنبي ولم ينجحوا في الاندماج بالدولة السورية. ونتيجة لذلك، تفجرت خلافات حادة بين الفصائل المسلحة، كان من أبرز مظاهرها اعتقال العقيد طارق الشوفي من قبل فصيل “الحرس الوطني” التابع لرافع الهنيدي، وإجباره على تصوير مقطع فيديو يعبر فيه عن آراء لا يقتنع بها.
ووفقًا لتحليل الدغيم، فإن هذه الاشتباكات وإطلاق النار بين الفصائل دفعت بعض القادة، وتحديدًا المرتبطين بحكمت الهجري، إلى اتخاذ قرار استراتيجي بـ “نقل المشاكل الداخلية” إلى الخارج، خشية من تفجر الوضع وفقدان السيطرة داخل السويداء. وكان هذا القرار هو السبب المباشر في شن هجوم على الدولة السورية وقوات الأمن.
ولم تقتصر الأسباب على الصراعات الداخلية، بل امتدت لتشمل ظهور تيار داخل السويداء يسعى للاستقواء بجهات أجنبية. واستشهد الدغيم بواقعة رفع العلم الإسرائيلي في ساحة الكرامة يوم الجمعة، والتي مرت دون أي إدانة من حكمت الهجري أو الزعامات الدينية الأخرى في المنطقة. واعتبر هذا الصمت بمثابة “إقرار” بوجود تيار “يريد العمالة لإسرائيل والاستقواء بها”، وهو ما يتزامن مع حوادث حرق وإهانة علم الدولة السورية، واستمرار الانتهاكات التي تقوم بها العصابات الخارجة عن القانون.
وأكد الدغيم أن الهجوم كان مفاجئًا لقوات الأمن السورية، خاصة وأنه جاء في وقت كانت فيه الدولة السورية ملتزمة بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار. وأوضح أن الاستعدادات كانت جارية لإدخال القافلتين الخامسة والسادسة من المساعدات الإنسانية، والبدء في إصلاح شبكات الكهرباء، وتوفير الوقود وتشغيل المخابز، تمهيدًا لعودة مؤسسات الدولة لخدمة أهالي المحافظة.
أشار الدغيم إلى أن هذه الأحداث لا يمكن فصلها عن التاريخ الطويل من التوترات الطائفية والعرقية في المنطقة العربية، والتي تفاقمت منذ تدخل القوى الغربية. وفي سوريا تحديدًا، أكد أن نظام الأسد رسخ هذا المفهوم بشكل ممنهج، وذلك عندما قام في فترتي السبعينيات والثمانينيات بـ “تطييف” أجهزة الأمن والجيش، وتسريح الضباط الذين ينتمون إلى الطائفة السنية.
وأضاف أن النظام قام بتشكيل أجهزة أمنية طائفية مثل الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وسرايا الدفاع، والتي ارتكبت مذابح في حماة وحلب وتدمر. واعتبر أن هذا التوجه، إلى جانب تدخل ميليشيات إيرانية ووجود فصائل مثل تنظيم “داعش”، هو ما أسس للدولة الطائفية ورفع منسوب التوتر في المنطقة. وأوضح الدغيم أن الشعب السوري اليوم يسعى للتعافي والتداوي من هذه الآثار العميقة. وأكد أن خطاب الدولة السورية الحالي يركز بشكل كبير على مفاهيم الوحدة الوطنية والوفاق الوطني، مشيرًا إلى أن شوارع دمشق اليوم تضم أعدادًا كافية من جميع الأطياف، من مسلمين ومسيحيين ودروز وعلويين وسنة، متدينين وغير متدينين، لدعم نجاح المرحلة الحالية وتجاوز إرث الانقسام.