يبرز اسم الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، كأحد أكثر الشخصيات تأثيرًا وجدلاً في المشهد السوري المضطرب، خصوصًا في محافظة السويداء جنوب البلاد.
ومن الدعم المطلق لنظام الأسد إلى المعارضة الشرسة للحكومة الانتقالية الجديدة، رسم الهجري مسارًا متقلبًا حافلًا بالتحولات التي ساهمت في تغيير وجه السياسة السورية.
تولى حكمت الهجري، المولود بفنزويلا عام 1965 والحاصل على إجازة في الحقوق، الرئاسة الروحية عام 2012، عقب وفاة شقيقه الشيخ أحمد في حادث سيارة وُصف بالغامض، ووُجّهت فيه أصابع الاتهام لنظام الأسد الذي حضر جنازته.
ورغم الشكوك المحيطة بوفاة أخيه، بنى الهجري علاقة وثيقة مع النظام، وبلغ هذا الولاء ذروته في خطابه الشهير أمام بشار الأسد قائلاً: “أنت الأمل، بشار الأمل”، وهو موقف أرسى لسنوات من الدعم المطلق للسلطة في دمشق.
خلال تلك الفترة، حثّ الشباب على الانضمام للجيش، وفي 2015 طالب النظام بتسليح الأهالي، كما منح تفويضًا للأمن العسكري لإنهاء حركة “رجال الكرامة” المناهضة للنظام بقيادة الشيخ وحيد البلعوس، مما عمّق الانقسامات داخل الطائفة.
عام 2020 شكّل بداية التحول، حيث بدأ حكمت الهجري بانتقاد الفساد تزامنًا مع تدهور الأوضاع المعيشية، لكن نقطة القطيعة الحقيقية كانت في 2021، بعد حادثة إهانة شهيرة تعرض لها من قبل رئيس فرع الأمن العسكري بالجنوب.
فجرت الحادثة احتجاجات واسعة في السويداء، ورغم محاولة الأسد احتواء الموقف باتصال مباشر، تصلبت مواقف الشيخ حكمت الهجري تدريجيًا، وتوج هذا المسار بدعمه الصريح والكامل للحراك الشعبي المناهض للنظام الذي انطلق بقوة في أغسطس 2023.
بعد سقوط النظام في ديسمبر 2024، تحول موقف حكمت الهجري مجددًا، فبعد ترحيب مبدئي بالحكومة الانتقالية، سرعان ما انقلب عليها واصفاً إياها بـ”المتطرفة والمطلوبة دوليًا”، رافضًا الإعلان الدستوري المؤقت الذي صدر عنها ودعا لنظام ديمقراطي تشاركي.
كما أطلق تصريحه لصحيفة “واشنطن بوست” بأن “إسرائيل ليست العدو”، مطالبًا بحماية دولية لمحافظة السويداء، والتي شكلت قطيعة تامة مع خطابه السابق كشخصية ارتبطت يومًا بمحور المقاومة.
وتجسد الانقسام مؤخرًا في رفضه اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرمته دمشق مع فصائل محلية، وهو ما قبِل به قائد درزي آخر هو يوسف جربوع.
