يبدو أن مبادرة الصين لمواجهة الفيضانات “مدن الإسفنج” التي أطلقتها في عام 2015، لم تؤت ثمارها، إذ إن مدنها وشوارعها غارقة في المياه منذ أسابيع، ما تسبب في وفيات وأضرار بالغة في البنية التحتية.
كانت بكين أطلقت المبادرة بهدف الحد من مخاطر الفيضانات في المناطق الحضرية والمدن الكبرى، وفي نفس الوقت لتحقيق استفادة من مياه الأمطار الزائدة.
ولكن بعد حوالي 8 سنوات من خروج المبادرة إلى النور، لا زالت الصين تتكبد خسائر مادية وبشرية ضخمة، فوفق تقدير وزارة الطوارئ هناك، أسفرت الفيضانات عن وفاة 142 واختفاء 142 شخصًا، ودمرت 2300 منزل.
وبلغت الخسائر الاقتصادية ما قيمته 15.78 مليار يوان، أو 2.19 مليار دولار.
ما هي مبادرة “مدن الإسفنج”؟
هي مبادرة تهدف إلى إدخال تعديلات معمارية وهندسية على البنية التحتية، بغرض تحسين الطريقة التي تتعامل بها مدن الصين مع الكوارث الناتجة عن الطقس المتطرف، مثل الفيضانات والجفاف.
وتعتمد المبادرة بشكل أساسي على “الحلو القائمة على الطبيعة”، والتي تشمل طرقًا أفضل لتصريف مياه الأمطار وتخزينها والتعامل معها.
والعنصر الأساسي في هذه المبادرة هو “الأسفلت القابل للاختراق”، إلى جانب تشييد قنوات وبرك جديدة، وترميم للأراضي الرطبة – جميع الأنظمة البيئية التي يكون الماء هو العامل الأساسي فيها مثل المناطق الساحلية والواحات ومصاب الأنهار- بهدف منعها من التشبع بالماء بالإضافة إلى تطوير البيئة الحضرية.
وتتراكم مياه الفيضانات في شوارع مدن الصين بسبب الزحف العمراني على الأراضي الخرسانية التي لا تحتوي على منفذ للمياه، وخصوصًا في المناطق على ضفاف الأنهار الرئيسية التي كانت تُشكّل سهولًا للفيضانات.
كما أن رصف الأراضي الرطبة حال دون وجود أماكن لاستقرار المياه الزائدة، وهو ما تسبب في الفيضانات الغزيرة والتشبع بالمياه.
وبحسب تقديرات عام 2018، تواجه 190 مدينة صينية فيضانات كل عام، وتكون 641 مدينة من أصل 654 مدينة كبيرة ومتوسطة عُرضة للفيضانات والتشبع بالمياه.
لماذا لم تنجح المبادرة في التصدي للفيضانات؟
حتى الآن، لم يتم تعميم المبادرة على جميع مدن الصين، فخلال العام الأول لإطلاقها وقع الاختيار على 30 مدينة فقط لتجربة المخطط، وبحلول العام الماضي، كانت 64 مدينة فقط من أصل 654 تمتلك تشريعات لتنفيذ مبادرة “مدينة الإسفنج”.
ووفق باحثين، فإن الحكومة الصينية لا تعطي الاهتمام الكاف لتعميم المبادرة، وهو ما دفعهم للتشديد على أهمية صياغة تشريعات وطنية لتنفيذ المبادرة في أسرع وقت.
ولكن بحسب المؤشرات الحالية، فحتى وإن سارعت الحكومة الصينية في تنفيذ إجراءات المدن الإسفنجية كاملة، فإن كارثة هذا العام باتت خارجة عن السيطرة.
وكمثال، كانت مدينة Zhengzhou من أولى المدن التي صبت اهتمامها على التحول إلى مدينة إسفنج، وأنفقت حوالي 60 مليار يوان لهذا الغرض، ومع ذلك واجهت المدينة مشكلات عديدة في التعامل مع الأمطار الغزيرة في عام 2021.
ومن الناحية الفنية، فهناك عقبات أمام مبادرة “المدن الإسفنجية”، إذ يقول الخبراء إن البنية التحتية لمدينة الإسفنج لا يمكنها التعامل إلا مع ما لا يزيد عن 200 ملم (7.9 بوصات) من الأمطار يوميًا.
ولكن في نهاية يوليو الماضي، واجهت بكين عواصف وأمطارًا قوية، قدرتها إحدى محطات الرصد بـ 745 ملم على مدار ثلاثة أيام ونصف.
وبالمثل، تعرضت مدينة تشنغتشو لأمطار غزيرة في عام 2021، جعل الأمطار تتجاوز 200ملم خلال ساعة واحدة.
ومن ناحية أخرى، فإن التغيرات المناخية تلعب دورًا في عرقلة الجهود الصينية، إذ إن الأمطار خلال هذا العام ضربت مناطق شمالية عادة ما تكون جافة ولم تولها الحكومة اهتمامًا كبيرًا لتنفيذ مبادرتها.
من هو المرشح الرئاسي الذي تم اغتياله في الإكوادور؟