جسّد فيلم “Oppenheimer” من إخراج كريستوفر نولان، وبطولة كيليان مورفي، عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين، في مشاهد حوارية مع روبرت أوبنهايمر، مبتكر القنبلة الذرية، في إطار ظهر فيه الأول في دور الأب والمرشد في حياة الثاني، مما دفع الجمهور للتساؤل عما إن كان لـ “أبو النسبية” علاقة مباشرة بهذا الاختراع الذي أودى بحياة مئات آلاف البشر.
طبيعة العلاقة بين “أينشتاين” و”أوبنهايمر”
في مؤتمر عقد في باريس عام 1965، بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لرحيل “أينشتاين”، قال “أوبنهايمر”: “لقد كنا زميلين مقربين وكنا إلى حد ما صديقين”.
ظهر “أينشتاين” ضمن أحداث الفيلم في المرحلة الأخيرة من حياته، حين كان يعمل رفقة أوبنهايمر بمعهد “برينستون” للدراسات المتقدمة، والذي أداره الأخير في الفترة بين عامي 1947 و1966.
صوّر “نولان” حوارات خيالية بين “أينشتاين” و”أوبنهايمر”؛ لتعكس طبيعة العلاقة بينهما، حيث كان الأول بمثابة الأب للثاني، فحرص دائمًا على تلقّي الدعم والإرشاد منه.
قول مخرج لفيلم في حوار مع صحيفة “The New York Times”: “رأيت العلاقة بينهما إلى حد كبير كعلاقة الأستاذ الذي حل محله شخص أصغر سنًا وتولى عمله”.
عندما تخرج روبرت أوبنهايمر وتخصص في الفيزياء النظرية في عشرينيات القرن الماضي، كان “أينشتاين” قد فاز بالفعل بجائزة نوبل، وقد غادر أوروبا واستقر في “برينستون” بولاية نيو جيرسي بالولايات المتحدة عام 1932.
في أغسطس عام 1939، وقع أينشتاين على خطاب موجه إلى الرئيس الأمريكي فرانكلين دي روزفلت، نبّه عبره البيت الأبيض إلى أن ألمانيا قد تطور قنبلة ذرية نتيجة للتقدم العلمي الذي أحرزته في مجال الانشطار النووي لليورانيوم.
ويعتقد أن ذلك أدى إلى البدء في مشروع “مانهاتن”، والذي عينت الحكومة الأمريكية أوبنهايمر رئيسا له عام 1942.
“أينشتاين” لم يشارك في ابتكار القنبلة النووية
لم يتم إشراك “أينشتاين”، الذي كان يبلغ من العمر 64 عاما آنذاك، بسبب مجموعة من العوامل، من أهمها أصوله الألمانية، والمفاهيم المختلفة لنظريات الفيزياء بينه وبين “أوبنهايمر”.
غيّر كريستوفر نولان بعد الحقائق التاريخية في الفيلم، فظهر ضمن الأحداث أن “أوبنهايمر” كان محاطًا بالشكوك حول حجم الأثر الذي قد يحدثه تفجير قنبلة ذرية مثل التي يعمل على تطويرها، مع بدء مشروع “مانهاتن”، فذهب لاستشارة “أينشتاين”.
قال نولان في حواره مع الصحيفة الأمريكية: “من بين الأشياء التي غيرتها هي أن أوبنهايمر لم يستشر أينشتاين في ذلك الأمر، بل استشار أرثر كرومبتون الذي كان يدير فرع مشروع مانهاتن بجامعة شيكاغو، لكن أينشتاين هو الشخصية التي يعرفها الجمهور”.
عمل أوبنهايمر بين عامي 1943 و1945 في مختبر لوس ألاموس في ولاية نيو مكسيكو، على بعد آلاف الكيلومترات من برينستون، ولا يوجد أي دليل على أن الفيزيائي الأمريكي قد عقد أي اجتماعات أو مشاورات مع “أينشتاين”.
في عام 1965، علّق أوبنهايمر على مزاعم أن “أينشتاين” أسهم بطريقة ما في ابتكار القنبلة الذرية، حيث قال في مؤتمر بباريس: “الادعاء أنه شارك في ابتكار القنبلة الذرية، في رأيي، خاطئ”.
ورأى أوبنهايمر أن الخطاب الذي أرسله “أينشتاين” في عام 1939 إلى الرئيس روزفلت للفت انتباهه إلى قدرات ألمانيا على تطوير قنبلة ذرية لم يكن له تأثير يذكر على الحكومة الأمريكية.
أينشتاين العرب.. قصة عالم وصل لسر الذرة وطور نظريات الفيزياء
“مُدمّر العوالم”.. من هو “روبرت أوبنهايمر” الحقيقي؟
بعد خطأ فيلم “أوبنهايمر”.. هذه أشهر الأخطاء التاريخية في الأفلام الشهيرة