مايو ٢٥, ٢٠٢٥
تابع
نبض
logo alelm
هل يستطيع وزير الخزانة سكوت بيسنت إنقاذ العالم من كارثة تجارية؟

 

في خضم ما يصفه البعض بـ«حافة الهاوية الاقتصادية»، يبرز اسم سكوت بيسنت، وزير الخزانة الأمريكي، كلاعب محوري في مشهد يتأرجح بين الأسواق المضطربة والمفاوضات التجارية المتوترة.

فمن كان يُنظر إليه سابقًا كملياردير هادئ من وول ستريت، بات اليوم ما يصفه البعض بأنه «أفضل فرصة لدينا» لتفادي حرب تجارية عالمية قد تزعزع أركان النظام المالي الدولي.

في مشهد لافت خلال مؤتمر صحفي مرتجل في العاصمة القطرية الدوحة هذا الشهر، أشار الرئيس دونالد ترامب بوضوح إلى بيسنت، قائلاً: «لدينا هنا رجل كان مذهلًا. عندما يتحدث، تستمع الأسواق». لم يكن هذا المديح اعتباطيًا. فقد تمكن بيسنت لتوه من انتزاع اتفاق مؤقت مع الصين يوقف التصعيد في الحرب التجارية، بعد مفاوضات شاقة في جنيف.

من سكوت بيسنت؟

لم يكن طريق سكوت بيسنت إلى مركز السلطة تقليديًا، بل كان استثنائيًا بكل المقاييس. فقد بدأ حياته المهنية في وول ستريت، حيث اشتهر بمشاركته عام 1992 في ما يُعرف بـ«الأربعاء الأسود»، حين ساعد صندوق جورج سوروس في تحقيق مليار دولار في يوم واحد من خلال المراهنة ضد الجنيه الإسترليني.

لاحقًا، أدار أحد أنجح صناديق التحوط، لكنه لم يكن يومًا رجلًا سياسيًا حتى قرر عام 2023 أن يدخل المعترك من بوابة الاقتصاد.

وُلد بيسنت في ولاية كارولاينا الجنوبية، ودرس العلوم السياسية في جامعة ييل، حيث كاد يصبح رئيس تحرير صحيفة الجامعة. قال لاحقًا: «حين خسرت المنصب، حبست نفسي في الغرفة وبدأت أفكر: ربما ينبغي أن أجرب شيئًا آخر». هذا التفكير قاده إلى التمويل، حيث وجد نفسه منجذبًا إلى عالم يمزج بين التحليل الكمي وسرد الروايات الاقتصادية.

«الرجل الهادئ» في عاصفة ترامب الاقتصادية

اليوم، يشغل بيسنت منصبًا محوريًا كمهندس السياسات الاقتصادية للرئيس ترامب، وكبير مفاوضيه مع الصين والدول الأخرى. دوره لا يقتصر على تهدئة الأسواق، بل يتعداه إلى صياغة «الفاتورة الكبرى» التي تشمل ضرائب وإنفاقًا هائلًا لا تزال تواجه تحديات تشريعية.

أحد المسؤولين الأوروبيين الذين عملوا معه وصفه قائلًا: «نضع الكثير من الثقة في الوزير، لأنه كسبها. لكن لا أحد يعلم إن كانت هذه الثقة نابعة من مهاراته أم من غياب بدائل أفضل».

يُعرف بيسنت داخل الإدارة بأنه «اليد الثابتة»، الرجل الذي استطاع التغلب على صراعات داخلية، من بينها مواجهة صاخبة مع إيلون ماسك، ليصبح القائد الفعلي للفريق الاقتصادي.

خلفية متناقضة… وواقعية سياسية

مفارقات عديدة تطبع سيرة بيسنت، فهو رجل أعمال مثلي متزوج وأب لطفلين، دعم ديمقراطيين أمثال أوباما وهيلاري كلينتون، لكنه أصبح الآن أحد أعمدة إدارة ترامب.

لم يكن هذا التحول نتيجة قناعة أيديولوجية بقدر ما كان ناتجًا عن إدراكه لأهمية الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في مواجهة ديون متزايدة وأزمات تجارية.

ستيف بانون، أحد أبرز منظّري التيار الشعبوي اليميني، قال عنه: «سكوت هو يد آمنة. يفهم الأسواق المالية بعمق، ويعرف كيف يتحدث بلغة وول ستريت ويفسرها لترامب».

وأثبت بيسنت مرارًا أنه قادر على احتواء الفوضى التي تثيرها تصريحات ترامب المفاجئة، كما حدث حين أعلن الرئيس على مواقع التواصل فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي و25% على هواتف آيفون.

لم يكن بيسنت في البيت الأبيض حينها، بل في نيويورك، لكنه ظهر بعد دقائق في مقابلة مباشرة على فوكس نيوز، ثم تبعها بأخرى على تلفزيون بلومبيرج، موجّهًا رسالة طمأنة للأسواق.

قال أحد المسؤولين مازحًا: «ابحثوا عن بيسنت وضعوه على التلفاز، هذا أفضل ما يمكن فعله الآن».

رؤية استراتيجية وسط الضجيج

في مؤتمر معهد ميلكن، أوضح بيسنت رؤيته: «مكونات أجندة ترامب الاقتصادية -التجارة، خفض الضرائب، وإزالة القيود- ليست سياسات منفصلة. إنها أجزاء مترابطة من محرك يهدف إلى دفع الاستثمار طويل الأجل في الاقتصاد الأمريكي».

رغم الصورة العامة للفوضى التي تُخلفها قرارات ترامب، يؤكد بيسنت أن السياسات التجارية، بما فيها الرسوم الجمركية، هي أدوات ضمن إطار متكامل يستند إلى فلسفة اقتصادية واضحة.

اقرأ أيضًا:

هل سيحل اليوان محل الدولار قريبًا؟

جديد الحرب التجارية.. ترامب يتوعد أوروبا بتعريفات 50%

إنفوجرافيك| كيف أثرت الرسوم الجمركية على صادرات الشحن الأمريكية؟

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

السماء العالية.. أول حاملة طائرات مسيرة في العالم