مايو ٢٥, ٢٠٢٥
تابع
نبض
logo alelm
إندونيسيا: هل ستصبح بديل الصين في البطاريات؟

في ظل التنافس العالمي على تأمين سلاسل إمداد موثوقة للبطاريات، تبرز إندونيسيا كلاعب محوري قد لا يكون الأكثر صخبًا، لكنه بالتأكيد من الأكثر تأثيرًا. فمع امتلاكها لأكبر احتياطي نيكل في العالم، وتحولها السريع من مصدر خام إلى مركز صناعي متكامل، باتت البلاد تُمثّل فرصة استراتيجية للدول الباحثة عن بدائل للصين، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

من تصدير الخام إلى تصنيع القيمة المضافة

بدأ التحول في عام 2014، عندما قررت الحكومة الإندونيسية منع تصدير خام النيكل غير المعالج. هذا القرار أجبر المستثمرين الأجانب على إنشاء مصانع صهر ومعالجة داخل البلاد، وهو ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في عائدات صادرات النيكل، والتي تجاوزت 30 مليار دولار في عام 2022، معظمها من منتجات عالية القيمة مثل الحديد النيكل والصلب المقاوم للصدأ.

إنطلاق إندونيسيا بعد تأخر سلاسل البطاريات

رغم النجاح في قطاع الصلب، تأخرت إندونيسيا في الدخول إلى سلاسل توريد بطاريات السيارات الكهربائية، بسبب تركيزها سابقًا على إنتاج النيكل من الفئة الثانية، غير الصالح لصناعة البطاريات. نتيجة لذلك، انخفضت صادرات النيكل المرتبطة بالبطاريات من 307 ملايين دولار في 2014 إلى 196 مليون دولار فقط في 2022.

لكن الخطة تغيرت. تسعى الحكومة اليوم لتصبح من أكبر ثلاث دول منتجة لبطاريات السيارات الكهربائية بحلول عام 2027، مع طاقة إنتاجية متوقعة تصل إلى 140 جيجا واط/ساعة بحلول 2030. وقدمت الحكومة حوافز ضخمة، مثل إعفاءات ضريبية تصل إلى 20 سنة، لجذب الاستثمارات الأجنبية.

سد الفجوة الصناعية بتقنيات المعالجة المتقدمة

بحلول عام 2021، دخلت أول محطة معالجة حامضية عالية الضغط (HPAL) حيز التشغيل، ما سمح بتحويل النيكل الخام إلى مواد كيميائية صالحة للبطاريات. وبحلول 2023، انطلقت ستة مشاريع مماثلة، مما وضع إندونيسيا على خارطة تصنيع مواد القطب الكاثودي اللازمة لبطاريات الليثيوم.

فرصة مهدرة أم مستدركة للولايات المتحدة؟

رغم الأهمية الاستراتيجية لهذه التحولات، لم يكن للولايات المتحدة حضور يُذكر في هذه المشاريع، في وقت تستخدم فيه شركاتها، مثل تسلا، كميات هائلة من النيكل عالي النقاء. واليوم، تتيح الشراكة مع إندونيسيا فرصة لتقليل الاعتماد على الصين التي تهيمن على نحو 90% من سلسلة بطاريات الليثيوم-أيون.

نماذج ناجحة وشراكات آسيوية

تشهد البلاد صعود تحالفات صناعية بين شركات مثل هيونداي و”إل جي” الكورية، وشركات صينية ويابانية، لبناء مصانع بطاريات ودمجها مع مصانع سيارات كهربائية في جاوة الغربية. إندونيسيا لا تبني فقط مصانع، بل تسعى لتأسيس منظومة متكاملة تشمل التكرير، والمعادن الأخرى، ومواد الأنود.

المعادلة البيئية: التحدي والفرصة

رغم التقدم الصناعي، يواجه القطاع الإندونيسي انتقادات بيئية حادة، إذ يعتمد بدرجة كبيرة على الكهرباء المولدة من الفحم. وتشير التقديرات إلى أن إنتاج طن واحد من النيكل يؤدي إلى انبعاث حوالي 58.6 طنًا من ثاني أكسيد الكربون. لكن هذا التحدي يمكن أن يتحول إلى فرصة إذا ما تم التعاون مع شركاء دوليين لتطوير ما يُعرف بـ”النيكل الأخضر”، باستخدام مصادر طاقة نظيفة وتقنيات احتجاز الكربون.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

هل تصل روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق سلام بعد تبادل الأسرى؟

المقالة التالية

ترامب يحطم هدوء التعريفات الجمركية بهجوم جديد.. لماذا يهدد الأسواق؟