مع تزايد وتيرة الكوارث المناخية وتغير أنماط الطقس، تتصاعد الحاجة لفهم مصادر الانبعاثات الكربونية الحقيقية عالميًا. وتكشف أحدث البيانات لعام 2022 أن قطاع الطاقة وحده مسؤول عن 76% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يعادل قرابة 38.1 مليار طن من أصل 50.1 مليار طن من الانبعاثات الكربونية المكافئة، فما أكثر القطاعات المتهمة بتعميق أزمة الانبعاثات الكربونية في عالمنا؟
يتصدر قطاع توليد الكهرباء والتدفئة قائمة أكثر المصادر إصدارًا للكربون، بإجمالي انبعاثات قدره 16.7 مليار طن، ما يمثل 33% من إجمالي الانبعاثات العالمية. ويُعتبر هذا الرقم مؤشرًا واضحًا على الحاجة الملحة إلى تسريع التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات التوليد النظيفة.
يحتل قطاع النقل المركز الثاني بإجمالي انبعاثات يبلغ 8.2 مليار طن (16% من الإجمالي)، نتيجة الاعتماد الواسع على الوقود الأحفوري في السيارات والطائرات والسفن. يليه قطاع التصنيع والبناء، الذي أطلق نحو 6.3 مليار طن من الكربون (13%)، ما يعكس الأثر البيئي الهائل للصناعات الثقيلة والإنشاءات.
سجل القطاع السكني والتجاري نحو 3.2 مليار طن من الانبعاثات (6%)، نتيجة استهلاك الطاقة في التدفئة والتبريد والطهي. في حين أسهمت الانبعاثات الهاربة، الناتجة عن تسربات من استخراج ونقل الوقود الأحفوري، بنحو 3.1 مليار طن، وهي نسبة كبيرة تعكس ضعف البنية التحتية أو التقنيات القديمة في بعض مناطق الإنتاج.
خارج قطاع الطاقة، تبقى الزراعة من أبرز المصادر غير المباشرة لانبعاثات الكربون، حيث أطلقت 5.9 مليار طن (12%)، يتركز معظمها في شكل غاز الميثان الناتج من تربية المواشي وزراعة الأرز. أما تغير استخدام الأراضي وإزالة الغابات، فساهم بـ 1.3 مليار طن، في ظل تراجع الغطاء النباتي وارتفاع معدلات إزالة الغابات.
سجلت العمليات الصناعية مثل إنتاج الأسمنت والمواد الكيميائية نحو 3.2 مليار طن من الانبعاثات (6%)، بينما بلغت انبعاثات قطاع النفايات نحو 1.7 مليار طن (3%)، نتيجة تحلل النفايات العضوية وانبعاثات مكبات القمامة. أما الاستخدام العسكري للوقود، فساهم بـ 603 مليون طن، ما يمثل نحو 1% من الإجمالي.
يُظهر هذا التوزيع أن مفتاح الحد من انبعاثات الكربون لا يقتصر فقط على التحول إلى السيارات الكهربائية أو تقليل استهلاك البلاستيك، بل يتطلب معالجة جذرية للبنية التحتية للطاقة عالميًا. تحديث شبكات الكهرباء، زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة النقل والبناء هي الخطوات الجوهرية نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، وتقليل آثار التغير المناخي قبل فوات الأوان.