سجّلت حادثة متنزه الطائف الأخيرة التي أُصيب فيها أكثر من 23 شخصًا، فصلًا جديدًا في سلسلة حوادث الملاهي، والتي تعيد دائمًا إلى الواجهة الحديث عن مدى الالتزام بمعايير السلامة في هذه المرافق الترفيهية.
ورغم أن احتمالية التعرض لإصابة خطيرة في متنزهات ترفيهية تُعتبر ضئيلة جدًا، حيث تقدرها جهات متخصصة بواحد في كل 16 مليون زيارة، إلا أن وقوع هذه الحوادث، مهما كانت نادرة، يترك أثرًا عميقًا بسبب طبيعته المأساوية وغير المتوقعة.
وقعت الحادثة في الطائف عندما تعرضت الذراع العلوية للعبة تُعرف باسم “360 درجة” للكسر بشكل مفاجئ، مما أدى إلى سقوطها وارتطامها بالأشخاص الموجودين فيها.
وبحسب شهود عيان، تسبب ارتداد عمود اللعبة المكسور بسرعة فائقة في إصابة عدد من الركاب، بينما أُصيب آخرون نتيجة السقوط المباشر.
وعلى إثر الحادث، استنفرت المستشفيات المحلية طواقمها لاستقبال المصابين، فيما بدأت السلطات تحقيقًا عاجلاً لكشف ملابسات وأسباب السقوط.
على الصعيد العالمي، يمتلئ التاريخ بأمثلة عن حوادث الملاهي التي كشفت عن ثغرات قاتلة في التصميم أو الصيانة أو التشغيل، ففي مايو 1972، شهدت بريطانيا أسوأ حادثة قطار أفعواني في التاريخ في متنزه “باترسي” بلندن، حيث انفصلت سلسلة الرفع عن إحدى عربات لعبة “بيغ ديبر” وتعطلت آلية منع التراجع، مما أدى إلى عودة العربة للخلف واصطدامها بعربة أخرى، وهو ما أسفر عن مقتل خمسة أطفال وإصابة 13 آخرين.
وفي الولايات المتحدة، وقعت واحدة من أسوأ حوادث الملاهي في عام 1930 في متنزه “كروغ بارك” بمدينة أوماها، عندما تسبب مسمار معيب في خروج عربة قطار أفعواني عن مسارها، وسقوطها مع ثلاث عربات أخرى من ارتفاع شاهق، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 17 آخرين، وأدت في النهاية إلى إغلاق المتنزه بشكل دائم في عام 1940.
ولا تقتصر أسباب حوادث الملاهي على الأعطال الميكانيكية فحسب، بل يمثل الإهمال البشري سببًا رئيسيًا في كثير منها.
ومن الأمثلة الصارخة على ذلك، الحادث الذي وقع في متنزه “أولد إنديانا فن بارك” عام 1996، حين خرج قطار صغير عن مساره، مما أدى إلى وفاة سيدة وإصابة طفل بشلل دائم.
وكشف التحقيق أن القطار كان يسير بسرعة تتجاوز السرعة المصمم لها، وأن المكابح كانت معطوبة، ومعظم أجهزة الحماية من الخروج عن المسار لم تكن مثبتة، والأدهى من ذلك، أن سجلات المتنزه أظهرت أن القطار قد خرج عن مساره 79 مرة في الشهرين السابقين للحادثة.
وهناك حوادث من نوع آخر، مثل الحريق الذي اندلع في “القلعة المسكونة” بمتنزه “سيكس فلاغز” في نيوجيرسي عام 1984، وأودى بحياة ثمانية مراهقين.
وكشفت التحقيقات أن المتنزه لم يكن ملزمًا بتركيب رشاشات مياه أو أجهزة كشف الدخان لأن القلعة كانت مصنفة كـ “هيكل مؤقت”، وذلك رغم توصيات مستشاري السلامة.
وبينما تبقى حوادث الملاهي نادرة، إلا أن كل واحدة منها تمثل تذكيرًا صارخًا بأهمية الرقابة الصارمة والصيانة الدورية لضمان عدم تحول يوم من المرح إلى مأساة.