2026 قد يكون عام تمرد التسويق على الذكاء الاصطناعي

ديسمبر ١٩, ٢٠٢٥

شارك المقال

2026 قد يكون عام تمرد التسويق على الذكاء الاصطناعي

لم يعد المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي ظاهرة هامشية، بل أصبح حاضرًا في تفاصيل المشهد اليومي؛ من عروض العمل ومنصات التواصل الاجتماعي، إلى المواد الإخبارية وحتى إعلانات بيع المنازل. ولم يصاحب هذا الانتشار الواسع بالضرورة تحسن في الجودة، بل ولّد حالة عامة من الضجر وفقدان الثقة.

في هذا الإطار، اختار محررو قاموس ميريام-ويبستر مصطلح "slop" ليكون كلمة عام 2025، في إشارة إلى المحتوى المكرر والمشوّش الذي يغمر الفضاء الرقمي. ووفق توصيفهم، فإن الكلمة تحمل إيحاءً بشيء ثقيل وغير مرغوب، وهو توصيف يعكس شعورًا متزايدًا تجاه سيل المواد المصطنعة التي يصعب تفاديها.

تحول استراتيجية التسويق

ووسط هذا المشهد، تبرز توقعات بأن يشهد عام 2026 تحولًا واضحًا في استراتيجيات التسويق، مع تصاعد الدعوات للعودة إلى الإنتاج البشري الخالص. فالتقنيات التي كانت في السابق سهلة الاكتشاف باتت اليوم أكثر دقة وتعقيدًا، إلى درجة أربكت حتى المستخدمين المخضرمين القادرين على التمييز بين الحقيقي والمزيف. ولم تعد العلامات التي كانت تكشف التزييف، مثل تشوه التفاصيل أو غرابة التكوين البصري، دائمًا كافية.

كما أصبح التصفح اليومي لمنصات الفيديو القصير تجربة محفوفة بالالتباس، حيث يجد المستخدم نفسه أمام محتوى يبدو مقنعًا للوهلة الأولى، قبل أن يكتشف لاحقًا أنه نتاج خوارزميات. وخلق هذا الشعور المتكرر بالخداع حالة من التململ، وبدأ يدفع بعض المؤسسات والجماهير إلى رد فعل معاكس.

وجاءت إحدى هذه الخطوات من شركة iHeartMedia، التي تعمل في مجال البث الإذاعي والبودكاست، إذ أعلنت التزامها بتقديم محتوى يعتمد على البشر فقط، من دون استخدام أصوات أو موسيقى مصنّعة رقميًا. وأظهرت دراسات أجرتها الشركة أن الغالبية العظمى من جمهورها تفضّل استهلاك محتوى من إنتاج بشري، حتى بين من يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في حياتهم المهنية أو الشخصية.

بية تسويقية حساسة

وفي تعليق له، أشار الرئيس التنفيذي للشركة بوب بيتمان، إلى أن المسوقين يعملون اليوم في بيئة شديدة الحساسية، في ظل توترات سياسية واقتصادية عالمية، مؤكدًا أن الجمهور لم يعد يكتفي بالسهولة والسرعة، بل يبحث عن قيمة ومعنى فيما يتلقاه.

ولم يقتصر هذا التوجه على قطاع البث. ففي كندا، أعلن موقع The Tyee الإخباري المستقل التزامه بعدم نشر أي مواد مكتوبة أو منتجة باستخدام الذكاء الاصطناعي، في خطوة تهدف إلى حماية مصداقية العمل الصحفي. وفي المقابل، واجهت مؤسسات إعلامية كبرى انتقادات حادة بعد اعتمادها على أدوات آلية، من بينها صحيفة واشنطن بوست، التي تعرض أحد مشاريعها الصوتية المؤتمتة لانتقادات بسبب كثرة الأخطاء.

أما في صناعة الترفيه، فقد تصاعد الجدل بشكل لافت. بعض صنّاع المحتوى يسعون إلى طمأنة الجمهور من خلال التأكيد على أن أعمالهم من صنع البشر بالكامل، كما حدث في أحد المسلسلات المعروضة على Apple TV. في المقابل، أثارت شخصيات رقمية مولّدة بالذكاء الاصطناعي موجة رفض، رغم محاولات مطوريها تقديمها باعتبارها تجارب تقنية لا أكثر.

ولم تسلم كذلك منصات الإلهام البصري مثل بنترست من هذا الجدل، إذ أدى إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى استياء شريحة من المستخدمين المخلصين. وفي شوارع نيويورك، ظهرت مظاهر احتجاج غير رسمية، حيث جرى تشويه إعلانات لأجهزة ذكية بشعارات ترفض الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، وتدعو إلى التواصل الإنساني المباشر.

وفي رد فردي لافت، طوّرت إحدى الفنانات أداة متصفح تعمل على استبعاد نتائج البحث الحديثة، وإظهار المحتوى المنشور قبل الانتشار الواسع لأدوات الذكاء الاصطناعي، في محاولة لاستعادة الإنترنت كما كان سابقًا. ورغم كل ذلك، تبقى هذه التحركات محدودة مقارنة بالإيمان السائد في أوساط الشركات الكبرى بأن الذكاء الاصطناعي يمثل حجر الأساس لاقتصاد المستقبل. ويبقى الرهان مفتوحًا حول ما إذا كانت الحملات التي تروج للتسويق البشري ستنجح في إحداث تغيير حقيقي.

وحتى الآن، تبدو تجربة الجمهور مع الذكاء الاصطناعي متناقضة؛ فهو قادر على الترفيه وتسهيل بعض المهام، لكنه في الوقت نفسه أداة فعالة لتضليل المعلومات وصناعة محتوى زائف قد تكون له عواقب خطيرة. وربما لهذا السبب، بدأ بعض المستهلكين والمبدعين في إعادة تقييم علاقتهم بهذه التقنيات، مفضلين في بعض المجالات ما لا يزال يُنتج بعقول وأيدي بشرية.

اقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي يحلل الحمض النووي للكشف عن الأمراض
إنفوجرافيك| التنافسية في الذكاء الاصطناعي عالميًا.. أمريكا تتصدر بفارق كبير
عزلة أعمق.. الوجه الآخر لانتشار الذكاء الاصطناعي في العمل

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech