يحتفل العالم في 12 يوليو من كل عام باليوم العالمي للأمل، وهو مناسبة لتكريم القدرة البشرية على التطلع لمستقبل أفضل رغم التحديات، وفي هذا العصر الذي تتسارع فيه وتيرة التطور التقني، يبرز الذكاء الاصطناعي كأقوى محرك للتغيير، فارضًا نفسه على طاولة النقاش حول مستقبلنا، فهل يتماشى صعود هذه التقنية مع روح الأمل، فيقدم حلولاً لأعقد مشكلاتنا، أم أنه يمثل تهديدًا وجوديًا قد يحول آمالنا إلى مخاوف؟
يقدم الذكاء الاصطناعي أسبابًا وجيهة للتفاؤل، ففي قطاع الصحة، تحدث خوارزمياته ثورة حقيقية؛ فأنظمة مثل “AlphaFold” التابع لشركة “DeepMind” نجحت في حل ألغاز بيولوجية معقدة تتعلق ببنية البروتين، مما يسرّع من وتيرة تطوير علاجات لأمراض مستعصية كالزهايمر.
وتؤكد مؤسسة “Brookings Institution” أن الذكاء الاصطناعي يعزز دقة التشخيص الطبي، مانحًا أملاً جديدًا للمرضى حول العالم.
وفي مواجهة أزمة المناخ، يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحسين نماذج التنبؤ بالطقس وإدارة موارد الطاقة بكفاءة، مما يساهم في بناء مستقبل أكثر استدامة، كما يمثل أملاً في القضاء على الجوع من خلال تقنيات الزراعة الدقيقة التي تزيد من إنتاجية المحاصيل وتقلل من هدر الموارد.
على الجانب الآخر، لا يمكن تجاهل المخاطر الكبيرة التي تصاحب هذه التقنية، فتحذر تقارير صادرة عن “McKinsey Global Institute” من أن الأتمتة قد تؤدي إلى اضطرابات واسعة في سوق العمل، مع اختفاء ملايين الوظائف بوتيرة تفوق قدرة الاقتصادات على التكيف، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي.
كما يبرز خطر “التحيز الخوارزمي”، حيث يمكن للأنظمة أن تتبنى التحيزات الموجودة في البيانات التي تُدرَّب عليها، مما يؤدي إلى ترسيخ التمييز في قرارات حيوية مثل التوظيف والعدالة.
علاوة على ذلك، يمثل تطوير “الأسلحة المستقلة” التي يمكنها اتخاذ قرار القتل دون تدخل بشري، كابوسًا أمنيًا وأخلاقيًا يثير قلق الأمم المتحدة والخبراء الدوليين.
في النهاية، لا يمكن تصنيف الذكاء الاصطناعي كأمل مطلق أو خطر حتمي، فهو أداة فائقة القوة، وتأثيره يتوقف بشكل كامل على كيفية استخدامه والضوابط التي نضعها له.
وكما تؤكد الأوراق البحثية الصادرة عن جامعة “ستانفورد”، فإن ضمان مستقبل إيجابي يتطلب وضع أطر تنظيمية وأخلاقية عالمية تضمن أن تكون هذه التقنية في خدمة الإنسانية.
وتخلص الدراسات إلى أن تحويل الذكاء الاصطناعي إلى قوة للأمل يعتمد على قدرتنا على التعاون الدولي لوضع القواعد التي تعظم فوائده وتحد من أخطاره.