يوليو ٦, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
الذكاء الاصطناعي: تحول في سوق العمل.. فرص وتحديات

يشهد العالم اليوم ثورة تكنولوجية جديدة تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي بدأت بالفعل في إعادة تشكيل العديد من جوانب حياتنا، وعلى رأسها عالم العمل. فبينما يرى البعض في الذكاء الاصطناعي أداة قادرة على إحداث تغييرات إيجابية هائلة، وتحسين الإنتاجية والرعاية الصحية والتعليم، يخشى آخرون من أن يؤدي انتشاره إلى فقدان الوظائف وزيادة البطالة. هذا الانقسام يعكس طبيعة الذكاء الاصطناعي كموضوع مثير للجدل يحمل في طياته فرصًا واعدة وتحديات كبيرة تستوجب الاستعداد والتكيف.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف والاقتصاد

تشير العديد من الدراسات والتقارير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيحدث تأثيرًا عميقًا على الاقتصاد العالمي. يقدر معهد ماكينزي العالمي أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تحقيق نشاط اقتصادي عالمي إضافي يقارب 13 تريليون دولار في المستقبل القريب وبحلول عام 2030، مما قد يرفع الناتج المحلي الإجمالي التراكمي بنحو 16% مقارنة باليوم. ويعني هذا نموًا إضافيًا بنسبة 1.2% في الناتج المحلي الإجمالي سنويًا.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في الأعمال

بحلول عام 2030، من المتوقع أن تتبنى حوالي 70% من الشركات ثورة الذكاء الاصطناعي وتعتمد نوعًا واحدًا على الأقل من تقنياته. ومع ذلك، فإن التأثير الأكبر للذكاء الاصطناعي سيظهر في قدرته على أتمتة المهام الروتينية والمتكررة، مما سيؤدي إلى إزاحة بعض الوظائف ولكنه في المقابل سيخلق وظائف جديدة ويتطلب تطوير مهارات مختلفة.

عدد الوظائف التي سيحل محلها الذكاء الاصطناعي

تتفاوت التقديرات حول عدد الوظائف التي قد تحل محلها تقنيات الذكاء الاصطناعي. تشير تقديرات جولدمان ساكس إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل على مستوى العالم. بينما يقدر المنتدى الاقتصادي العالمي أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل حوالي 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025.

في الولايات المتحدة وأوروبا، تشير التقارير إلى أن حوالي ثلثي الوظائف معرضة لدرجة ما من الأتمتة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأن حوالي ربع جميع الوظائف يمكن أن يؤديها الذكاء الاصطناعي بالكامل. وبحلول عام 2030، قد يحتاج ما لا يقل عن 14% من الموظفين على مستوى العالم إلى تغيير مساراتهم المهنية بسبب التحول الرقمي والروبوتات وتطورات الذكاء الاصطناعي.

الوظائف الأكثر عرضة لمخاطر الذكاء الاصطناعي

تتضمن الوظائف الأكثر عرضة لمخاطر الذكاء الاصطناعي تلك التي تتضمن مهامًا روتينية ومتكررة ولا تتطلب قدرًا كبيرًا من الذكاء العاطفي أو الاجتماعي، مثل:

  • ممثلو خدمة العملاء: يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم ردود آلية على الأسئلة الشائعة.
  • موظفو الاستقبال: تستخدم العديد من الشركات الآن الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي لإدارة الاستقبال والمكالمات.
  • المحاسبون وكاتبو الحسابات: يمكن للذكاء الاصطناعي جمع البيانات وتخزينها وتحليلها بكفاءة وبتكلفة أقل.
  • مندوبو المبيعات: تحول الإعلان والتسويق نحو الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يقلل الحاجة إلى مندوبي المبيعات التقليديين.
  • الباحثون والمحللون: يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع عملية تحليل البيانات واستخلاص المعلومات.
  • عمال المستودعات: يمكن للأنظمة الآلية والذكية إدارة المخزون وتوجيه العمليات وحتى تنفيذ عمليات التحميل والتفريغ.
  • مسؤولو التأمين: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المتقدمين للتأمين وتطبيقها ضمن معايير محددة.
  • عمال قطاع التجزئة: أصبحت محطات الدفع الذاتي شائعة وتساهم في تقليل الحاجة إلى عدد كبير من الموظفين على الصناديق.

الوظائف الأقل عرضة لمخاطر الذكاء الاصطناعي

في المقابل، هناك وظائف من غير المرجح أن يحل محلها الذكاء الاصطناعي بشكل كامل لأنها تتطلب مهارات بشرية فريدة مثل الإبداع والتفكير النقدي والذكاء العاطفي والقيادة، وتشمل:

  • المعلمون: الدور الإلهامي والتفاعلي للمعلم يجعل من الصعب استبداله بتجربة رقمية كاملة.
  • المحامون والقضاة: تتطلب هذه المناصب التفاوض والاستراتيجية وتحليل القضايا المعقدة، بالإضافة إلى الخبرة الشخصية والمعرفة العميقة بالقوانين.
  • المديرون التنفيذيون والمديرون: إدارة الفرق تتطلب مهارات قيادية لا يمكن ترميزها ومعالجتها بشكل خطي.
  • مديرو الموارد البشرية: بالإضافة إلى التوظيف، يقومون بمهام مهمة مثل تحفيز الموظفين واكتشاف علامات الاستياء.
  • علماء النفس والأطباء النفسيون: تتطلب الصحة النفسية لمسة إنسانية ودعمًا شخصيًا يصعب على الذكاء الاصطناعي توفيره بشكل كامل.
  • الجراحون: على الرغم من التقدم التكنولوجي في التشخيص والروبوتات الجراحية، إلا أن الجراحة تتطلب اتخاذ قرارات معقدة في لحظات حرجة وتفاعلًا إنسانيًا مع المريض.
  • محللو أنظمة الحاسوب: هناك دائمًا حاجة إلى تدخل بشري لصيانة وتحديث وتطوير الأنظمة المعقدة.
  • الفنانون والكتاب: الإبداع الفني والقدرة على استخدام الكلمات للتعبير عن المشاعر والأفكار هي مهارات بشرية فريدة.

كيفية التكيف مع الذكاء الاصطناعي

للاستفادة من الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي وتجنب الآثار السلبية المحتملة، من الضروري تبني استراتيجيات للتكيف والتعلم المستمر:

  • تبني التعلم مدى الحياة: يجب على الأفراد والمهنيين الاستمرار في تعلم وتكييف مهاراتهم مع التقنيات الجديدة.
  • تطوير المهارات الشخصية (Soft Skills): ستصبح مهارات التواصل وحل المشكلات والتعاون والإبداع أكثر أهمية في عصر الذكاء الاصطناعي.
  • المرونة والقدرة على التكيف: القدرة على التكيف السريع مع التغييرات واكتساب مهارات جديدة ستكون أساسية.
  • التخصص: تطوير خبرة متعمقة في مجال معين يمكن أن يزيد من قيمة الموظف في سوق العمل.
  • تشجيع ثقافة النمو: يجب على الشركات تشجيع الابتكار وتجربة التقنيات الجديدة واعتبار التحديات فرصًا للنمو.
  • التطبيق الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: يجب وضع مبادئ توجيهية واضحة للاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي وضمان الشفافية والعدالة وحماية خصوصية البيانات.
  • تعزيز التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي: يجب النظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز قدرات الإنسان وليس كمنافس له.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

سر حرارة الصيف.. لماذا تزداد الأرض سخونة رغم بُعدنا عن الشمس؟

المقالة التالية

بي إس جي ضد البايرن.. القنوات الناقلة والتشكيل المتوقع