شهد شمال شرق إثيوبيا، يوم الأحد، ثورانًا بركانيًا غير مسبوق منذ نحو 12 ألف عام، حيث اندلع بركان هايلي غوبي في إقليم عفار، مطلقًا أعمدة كثيفة من الدخان والرماد البركاني ارتفعت إلى حوالي 14 كيلومترًا في السماء.
ويقع البركان ضمن منطقة وادي الصدع الكبير، التي تُعرف بنشاطها الجيولوجي المكثف الناتج عن اصطدام صفيحتين تكتونيتين، ويبعد نحو 800 كيلومتر عن العاصمة أديس أبابا، قرب الحدود مع إريتريا.
ويُعد هذا الثوران حدثًا نادرًا جدًا، إذ لم يُسجل أي نشاط للبركان خلال العصر الهولوسيني، الذي بدأ قبل نحو 12 ألف عام في نهاية العصر الجليدي الأخير، حسب برنامج علم البراكين العالمي التابع لمؤسسة سميثسونيان. وأكد عالم البراكين سايمن كارن من جامعة ميشيغان أن بركان هايلي غوبي "لم يُسجل له أي ثوران خلال آلاف السنين"، مما يجعل الثوران الحالي ظاهرة استثنائية في تاريخ المنطقة.
تأثير البركان على الأرض
على الرغم من ضخامة الثوران، لم تُسجل حتى الآن أي خسائر بشرية، إذ يقع البركان في منطقة نائية قليلة السكان. ومع ذلك، أشار المسؤول المحلي محمد سيد إلى أن عدة قرى محلية غطتها سحب الرماد البركاني، وهو ما أثر بشكل مباشر على المراعي وحياة الماشية، إذ أصبحت الحيوانات تواجه صعوبة في العثور على الغذاء. وأضاف أن ذلك قد يترك آثارًا اقتصادية على مجتمع رعاة الماشية المحليين، الذين يعتمدون على الأراضي المحيطة للعيش وتوفير الغذاء للقطعان.
ووصف أحد السكان، أحمد عبد الله، لحظة الثوران قائلاً إنه شعر بـ"صوت انفجار قوي، وموجة ارتجاجية هائلة، ترافقت مع سحب كثيفة من الدخان والرماد"، ما جعل سكان المنطقة يشعرون وكأن قنبلة ضخمة أُلقيت فجأة.
هل تتأثر المملكة بثوران البركان؟
أظهرت بيانات الأقمار الصناعية وتقارير مركز تولوز لرصد الرماد البركاني أن أعمدة الرماد انجرفت فوق اليمن وسلطنة عمان، ووصلت إلى أجزاء من الهند وشمال باكستان، وهو ما أثار اهتمام سلطات الطيران المدني في المنطقة.
وفي السعودية، أكّد خبير الطقس والمناخ الدكتور عبدالله المسند أن المملكة بعيدة تمامًا عن أي تأثير مباشر للثوران، مشيرًا إلى أن مرور الرماد على مناطق مثل شرورة والخرخير كان محدودًا وسريعًا في الطبقات العالية من الغلاف الجوي قبل أن يتلاشى. وأشار المسند إلى أن مسار الرياح العلوية الحالي يبعد الرماد تمامًا عن الأجواء السعودية، وأن بقايا السحابة البركانية من المتوقع أن تتحرك من فوق اليمن وعُمان نحو بحر العرب ابتداءً من الثلاثاء، في حال عدم حدوث نشاط جديد للبركان خلال الساعات المقبلة.
متابعة الانبعاثات في عُمان
استباقًا لتأثيرات الرماد والانبعاثات الغازية، أصدرت هيئة البيئة العُمانية تحذيرًا بشأن انبعاثات الرماد وغازات ثاني أكسيد الكبريت (SO₂)، لكنها أكدت أن محطات الرصد لم تسجل أي ارتفاع في مستويات الملوثات حتى الآن. الهيئة تقوم بالمراقبة المستمرة عبر 68 محطة رصد موزعة على مختلف محافظات السلطنة، منها 8 محطات في محافظة ظفار و5 محطات في محافظة الوسطى.
كما أوضحت الهيئة أنه يمكن للجمهور متابعة مؤشر جودة الهواء بشكل لحظي عبر منصة "نقي"، مع تأكيدها على استمرار المتابعة الدقيقة لأي تغييرات في تركيزات الانبعاثات البركانية.
معلومات علمية حول البركان
يقع بركان هايلي غوبي في سلسلة جبال إرتا أليه، ويصل ارتفاعه إلى نحو 500 متر فوق سطح البحر. ويقع في منطقة نشاط جيولوجي شديد، إذ يلتقي فيه صفيحتان تكتونيتان، ما يجعل المنطقة معرضة للزلازل والنشاط البركاني المتقطع.
وبحسب بيانات VolcanoDiscovery، بدأ الثوران حوالي الساعة 8:30 صباحًا بتوقيت غرينتش، واستمر لساعات عدة، مع تصاعد سحب رماد ضخمة وصلت بين 10 و15 كيلومترًا في الغلاف الجوي. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر عمودًا كثيفًا من الدخان الأبيض يتصاعد من فوهة البركان، دون أن تتمكن وكالات الأنباء من التحقق من صحتها بشكل فوري.
اقرأ أيضًا:
البراكين.. عامل توصيل الألماس إلى سطح الأرض
حلقة النار.. النظام البركاني الأكثر نشاطًا وخطرًا على الأرض
تسجيل عدد غير مسبوق من الزلازل الجليدية في جرينلاند














