التاريخ يفرض على الدول الغنية قيادة العمل المناخي

نوفمبر ٢٣, ٢٠٢٥

شارك المقال

التاريخ يفرض على الدول الغنية قيادة العمل المناخي

تدخل قضية مسؤولية الدول المتقدمة في العمل المناخي نقاشات التمويل المطروحة على طاولة قمة G20 الجارية في جنوب أفريقيا هذا الشهر، والمؤتمرات الدولية، إذ تستند هذه المسؤولية إلى أسس تاريخية واقتصادية وأخلاقية.

ساهمت هذه الدول، عبر الثورة الصناعية، بالنصيب الأكبر في انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب الاحترار العالمي الآن، وه إرث أدى إلى وضع تستفيد فيه هذه الدول من النمو الاقتصادي القائم على الوقود الأحفوري، بينما تواجه الدول النامية التبعات الأسوأ لتغير المناخ.

الإرث التاريخي والعدالة في العمل المناخي

تعتبر الانبعاثات الهائلة التي أطلقتها الثورة الصناعية، المدفوعة بالدول المتقدمة حاليًا، إرثًا من التلوث المناخي يؤثر على الكوكب بأسره.

خلق هذا التركيز التراكمي للغازات الدفيئة وضعًا تتعرض فيه الدول النامية، خاصة تلك الواقعة في المناطق المدارية والساحلية، لأضرار غير متناسبة.

تعاني هذه الدول من الجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، وغالبًا ما تفتقر إلى الموارد اللازمة للتكيف، مما يُفاقم فجوة التفاوت العالمي.

ولا يتعلق الأمر بإلقاء اللوم، بل يتمحور حول الاعتراف بأن الأزمة الحالية هي نتيجة للتنمية الصناعية لعدد قليل من الدول، وهو اعتراف ضروري لتطوير سياسات عادلة ومُنصفة.

ويشكل مبدأ المسؤوليات المشتركة والمتباينة، المعترف به دوليًا، الأساس لهذه المطالبة بالعدالة في العمل المناخي.

وتمتلك الدول المتقدمة ليس فقط مسؤولية تاريخية، بل تتفوق أيضًا في القدرة على معالجة تغير المناخ، بما يشمل الموارد المالية والخبرة التقنية والأطر المؤسسية، إذ يمكنها الاستثمار في البحث والتطوير لتقنيات الطاقة المتجددة، وتنفيذ أنظمة احتجاز الكربون، وتمويل تدابير التكيف في الجنوب العالمي.

ويستلزم الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون استثمارات كبيرة في البنية التحتية الجديدة، مثل مزارع الطاقة الشمسية وشبكات شحن المركبات الكهربائية.

ويجب على هذه الدول، ذات القوة المالية، أن توفر نقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية لمساعدتها على تجاوز مسار التنمية كثيف الكربون، مما يضمن أن يكون العمل المناخي عالميًا ومشمولًا.

القدرة المالية وغرامة الضعف المناخي

يتجاوز مفهوم المسؤولية الأخلاقية للدول المتقدمة مجرد التمويل، ليمتد إلى مفهوم العدالة المناخية، والذي يؤكد على أن الفئات الأقل مسؤولية هي الأكثر ضعفًا.

يعد هذا الدعم، بالتالي، مسألة تصحيح للظلم التاريخي، فعلى الصعيد الاقتصادي، أظهرت الأبحاث الحديثة أن البلدان الأكثر عرضة لخطر المناخ تُعاقب بالفعل في أسواق السندات.

تُجبر هذه الدول، مثل فيتنام، التي يقع 15% من أراضيها تحت خمسة أمتار فوق مستوى سطح البحر، على دفع أقساط فائدة إضافية بسبب ضعفها المناخي، مما يزيد من تكلفة اقتراض رأس المال.

ويكلف هذا الضعف دول "مجموعة العشرين الضعيفة" دولارًا إضافيًا من الفائدة مقابل كل 10 دولارات تدفعها كأصل فوائد.

ويضاعف ارتفاع تكاليف الاقتراض من صعوبة تنفيذ برامج التكيف والاستثمار في البنية التحتية المقاومة للمناخ، مما يبرز الحاجة إلى أن تقود الدول المتقدمة مسألة التمويل وتخفيف المخاطر لتعزيز العمل المناخي العالمي.

تتطلب مواجهة تغير المناخ تعاونًا عالميًا فعّالًا وقيادة حاسمة من الدول المتقدمة، ويجب على هذه الدول الالتزام بأهداف خفض الانبعاثات الطموحة والوفاء بتعهداتها التمويلية بموجب اتفاقية باريس.

يشكل هذا الالتزام ضرورة أخلاقية وقرارًا اقتصاديًا سليمًا، إذ سيساهم الاستثمار الآن في تجنب خسائر اقتصادية أكبر بكثير في المستقبل، مما يُرسخ مبدأ "المسؤوليات المشتركة والمتباينة" في العمل المناخي.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech