logo alelm
كيف استفادت الصين من ذوبان القطب الشمالي؟

في خطوة وُصفت بأنها تحول استراتيجي في حركة التجارة الدولية، أبحرت سفينة الحاويات الصينية “جسر إسطنبول” عبر طريق بحر الشمال في المحيط المتجمد الشمالي بدلًا من المرور عبر قناة السويس، وهذه الرحلة لم تكن ممكنة لولا ذوبان القطب الشمالي الذي فتح مسارات بحرية جديدة بفعل ارتفاع درجات الحرارة وتسارع ذوبان الجليد.

وترى الصين في هذه التطورات فرصة فريدة لبناء ما تسميه “طريق الحرير القطبي”، وهو مشروع طموح يربط آسيا بأوروبا من خلال أقصر طريق بحري يمر عبر أعالي العالم.

ذوبان القطب الشمالي يغير الخريطة

يشير خبراء المناخ إلى أن المنطقة القطبية الشمالية ترتفع حرارتها بمعدل أسرع بأربع مرات مقارنة ببقية العالم، وهو ما جعل ذوبان القطب الشمالي حقيقة ملموسة.

هذا الذوبان لم يؤثر فقط على البيئة، بل أعاد رسم الخرائط البحرية وفتح طرقًا تجارية لم تكن متاحة من قبل، حيث أكد خبراء أن هذه هي المرة الأولى التي يُحدث فيها تغير المناخ تحولًا مباشرًا في الجغرافيا التجارية للعالم.

فوائد اقتصادية واستراتيجية

المسار الجديد عبر ذوبان القطب الشمالي يوفر اختصارًا كبيرًا للوقت مقارنة بالرحلة التقليدية عبر قناة السويس، إذ تستغرق الرحلة حوالي 18 يومًا فقط بين الصين والمملكة المتحدة، وهو ما يعادل نصف الزمن المعتاد.

وتمنح هذه الميزة الصين تفوقًا في تسليم البضائع بشكل أسرع، خاصة مع تزايد المخاطر على الطرق التقليدية مثل قناة بنما التي تعاني من الجفاف أو البحر الأحمر الذي يشهد اضطرابات أمنية بسبب هجمات الحوثيين.

وتعتبر الصين تعتبر هذا المسار الجديد مكسبًا جيوسياسيًا أيضًا، لأنه يقلل اعتمادها على الممرات التي تسيطر عليها قوى أخرى مثل الولايات المتحدة وحلفائها، ومع ذلك، يرى المحللون أن زيادة نشاط بكين في القطب الشمالي قد يثير قلق القوى الغربية، خصوصًا أن روسيا تسيطر على أجزاء كبيرة من الطريق البحري.

المخاطر البيئية والإنسانية

رغم المزايا الاقتصادية، يحذر خبراء البيئة من أن الاعتماد المتزايد على مسار القطب الشمالي قد يُسبب كوارث خطيرة، فالتغيرات المفاجئة في الجليد البحري قد تُعرّض السفن للتوقف أو الاصطدام، إلى جانب المخاطر المرتبطة بالظلام الطويل والضباب والبرد القارس.

كما أن أي تسرب نفطي في هذه البيئة الحساسة سيُشكل تهديدًا طويل الأمد، خاصة مع غياب البنية التحتية الجاهزة لاحتواء التسربات، والأخطر من ذلك أن استخدام بعض السفن لزيت الوقود الثقيل قد يزيد من انبعاث الكربون الأسود، الذي يترسب على الجليد ويُسرّع ذوبان القطب الشمالي أكثر فأكثر.

ذوبان القطب الشمالي .. مكسب للصين وخطر للعالم

بحسب تقديرات روسية، عبرت نحو 90 سفينة طريق بحر الشمال العام الماضي، مقارنة بأكثر من 13 ألف سفينة عبرت قناة السويس، وتظهر هذه الأرقام أن الطريق القطبي لا يزال في بدايته، لكن مع استمرار ذوبان القطب الشمالي، تتوقع الصين زيادة عدد السفن تدريجيًا، مما يمنحها فرصة لقيادة التجارة في مسار جديد يختصر المسافة ويزيد النفوذ.

وفي المقابل، أعلنت شركات شحن غربية كبرى مثل “شركة البحر المتوسط” التزامها بعدم استخدام المسار الجديد، مستشهدةً بمخاطر بيئية وأمنية، ويمنح التردد الغربي الصين مساحة أكبر لتعزيز خبرتها القطبية وبناء نفوذها بعيدًا عن المنافسة.

يمكنك أن تقرأ أيضًا:

لماذا تُنشيء الصين محمية في أكثر الممرات المائية نزاعًا عالميًا؟

متى تصبح درجة الحرارة قاتلة لجسم الإنسان؟

دراسة: القمر يصدأ.. وكوكبنا المتهم الأول

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

فيضان النيل يغرق محافظتين في مصر وسط اتهامات لإثيوبيا

المقالة التالية

جيف بيزوس يتوقع بناء مراكز بيانات في الفضاء خلال تلك المدة