هل خطر ببالك يومًا ما الصوت الذي يمكنك سماعه إذا أتيحت لك الفرصة للسفر إلى الفضاء الخارجي؟، هل سيعم الهدوء المكان أم سيكون للكون صوت خفي ملئ بالأسرار؟.
“طبيعة الفضاء هادئة نوعًا ما”، هكذا قالت كيمبرلي أركاند، عالمة التصور في مرصد تشاندرا للأشعة السينية التابع لناسا، في حديثها مع موقع “لايف ساينس”، موضحة أن الفضاء يبدو هادئًا بسبب الطريقة التي يفهم بها البشر الصوت ويعالجونه.
أما أستاذ علم الفلك في جامعة أريزونا كريس إمبي، فيُعرف الصوت بأنه موجة ضغط، موضحًا أن انتقال الأصوات عبر الهواء يعتمد على انتشار الطاقة وتحرك جزيئات الغاز واصدامها ببعض؛ ومن ثم تلتقط آذاننا هذه الاهتزازات، وتحولها أدمغتنا إلى صوت. وأوضح إمبي، أن الفضاء يحتوي على عدد قليل جدا من الجزيئات؛ مما يجعل معظمه فراغاً، مشيرا إلى أنه في المتوسط يوجد أقل من ذرة واحدة لكل متر مكعب في الفضاء بين المجرات، وهو ما يجعل كثافة الهواء في الفضاء أقل بمليار من مليار مرة من كثافة الهواء الذي نتنفسه.
وتابع أستاذ علم الفلك ” يعني ذلك أننا لا يمكننا سماع أي أصوات من مجرات أخرى خارج مجرة درب التبانة؛ لأن الفضاء الخارجي عبارة عن فراغ، والصوت يحتاج إلى وسط مادي لينتقل من خلاله”.
وتوصل الباحثون إلى أن الفضاء له أصوات خفية غير قابلة للسماع بالأذن البشرية، في أماكن مثل الأغلفة الجوية للكواكب الأخرى أو بالقرب من آفاق الحدث للثقوب السوداء، حيث توجد جزيئات كافية لنقل الاهتزازات، ولكن لا يمكن سماعها مباشرة؛ لأن كثافة هذه الأوساط تختلف اختلافًا كبيرًا عن كثافة الغلاف الجوي للأرض.وأوضحت كيمبرلي أركاند، أنه تم التوصل إلى أن الثقوب السوداء الهائلة في عنقود برسيوس تتجشأ الغاز، وهو ما ينتج عنه موجات ضغط تُشبه الموجات الصوتية، ومن خلال التقاط صور لجزيئات الغاز، وهي تتدفق في الفضاء، قام الباحثون بحساب مقدار الضغط المنقول في هذه التجشؤات لمعرفة صوتها.
ليس ذلك فحسب، فقد تمكن علماء الفلك من تسجيل أصوات الرياح على كوكب المريخ اعتمادا على مركبات الفضاء الجوالة المُجهزة بكاشفات صوتية، إلا أن تردد صوتها كان منخفضًا جدا، ولا يمكن سماعها. ومن بين الأصوات التي يمكن العثور عليها أيضا في الفضاء، هو صوت الرياح على كوكب الزهرة حيث يتمتع بغلاف جوي كثيف للغاية؛ مما يجعل صوت الرياح عليه مختلفاً عن الأرض أو المريخ.
كما تقوم ناسا بتحويل البيانات العلمية مثل بيانات الأشعة السينية من المجرات إلى أصوات مسموعة قد تشبه الأزيز أو الفرقعة، ولكنها ليست أصواتًا حقيقية قادمة من الفضاء، بل هي تمثيل صوتي للبيانات لمساعدة العلماء والجمهور على فهمها بشكل أفضل.
ومن ناحية أخرى، بدأ بعض العلماء في العمل على التحويل الصوتي لهذه البيانات والأصوات الخافتة إلى هدير يمكن سماعه، وذلك بفضل خلفيتهم الموسيقية واستخدام معارفهم لإعادة تصور بيانات علم الفلك وتحويلها إلى شيءٍ يُمكن للناس تجربته، مع الالتزام بسياق البيانات. وأشارت أركاند، إلى أن تحويل بيانات ناسا إلى صوتٍ مُسموع قد ساهم في جذب جمهور جديد كليًا لعلوم الفضاء، وخاصة الأشخاص المكفوفين أو ضعاف البصر، الذين يتعلمون الآن أشياء جديدة عن الفضاء من خلال البيانات الصوتية.