أعلنت السلطات الكورية الجنوبية إغلاق المفاعل النووي “كوري-4″، بعد أن وصل إلى نهاية عمره الافتراضي، وهو ما طرح العديد من التساؤلات عن مصير المفاعلات النووية بعد خروجها من الخدمة، ونرصد فيما يلي تفاصيل ما يحدث تقنيًا وتشغيليًا عند بلوغ هذه المنشآت نهاية مسيرتها.
يُعرَّف العمر الافتراضي لأي مفاعل نووي بأنه الفترة الزمنية التي صُمّم خلالها ليعمل بأمان وكفاءة، وغالبًا ما تُحدد هذه المدة بـ30 إلى 40 عامًا حسب التكنولوجيا المستخدمة وتاريخ الإنشاء، ولكن في الواقع، يمكن أن يمتد هذا العمر بفعل التحديثات والصيانة المستمرة.
في الولايات المتحدة، يبلغ متوسط عمر المفاعلات نحو 40 عامًا، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أنه يمكن تمديد التشغيل إلى 60 أو حتى 80 عامًا، إذا ما استوفت المنشأة الشروط الفنية والتنظيمية.
وقد بدأت عدة دول، مثل كوريا الجنوبية، بتنفيذ إجراءات إغلاق بعض المفاعلات التي وصلت إلى هذه المرحلة، كما حدث مع مفاعل كوري-4 الذي أُغلق رسميًا رغم استمراره في العمل بكفاءة تامة حتى آخر يوم له.
تمتلك الحكومات خيار تمديد تشغيل المفاعل النووي بعد نهاية عمره الافتراضي إذا ثبت أنه لا يشكل خطرًا على السلامة العامة، حيث قدمت في الولايات المتحدة، سبع محطات تحتوي على 15 مفاعلًا نوويًا طلبات تجديد تراخيص لما بعد الـ60 عامًا، وتُظهر البيانات أن 88 من أصل 92 مفاعلًا حصلت بالفعل على تمديد أول لمدة 20 عامًا إضافية.
ويعكس هذا التوجه أن العمر الافتراضي الحقيقي لمحطات الطاقة النووية لا يتوقف بالضرورة عند الرقم النظري، بل يعتمد على تقييم الحالة التقنية للبنية التحتية ومدى تعرضها للإشعاع ودرجات التآكل.
تتأثر مكونات المفاعل النووي مع مرور الوقت، ليس فقط بسبب الاستخدام الصناعي بل بسبب تعرضها المستمر للإشعاع، ما يؤدي إلى تدهور بعض المعادن والمعدات الحساسة. من أبرز نقاط الضعف:
وقد أدى هذا التدهور إلى إغلاق العديد من المفاعلات حتى بعد حصولها على تجديد التراخيص، كما حدث في محطات مثل “فيرمونت يانكي” و”ثري مايل آيلاند 1″.
عند اتخاذ قرار بوقف تشغيل المفاعل النووي، تبرز ثلاثة سيناريوهات رئيسية أقرّتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية:
كل خيار له تبعاته الاقتصادية والبيئية والتنظيمية، وتُحدد الدولة السياسة الأنسب حسب قدراتها وأولوياتها.
بعد إغلاق المفاعل النووي، يتم نقل حوالي 99% من النشاط الإشعاعي إلى خارج المنشأة، حيث يُخزن الوقود المستهلك في حاويات مخصصة، أما ما تبقى من إشعاع داخل الموقع، فينحصر غالبًا في الفولاذ الذي تعرض لفترات طويلة للنيوترونات، ويُعرف باسم “نواتج التنشيط”.
وبمرور السنوات، يتناقص هذا النشاط الإشعاعي بسبب التحلل الطبيعي للنظائر، ما يجعل بيئة العمل أكثر أمانًا ويسهل تنفيذ عملية التفكيك أو التطهير.
رغم النمو الكبير في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فإنها لا تزال غير قادرة على تعويض الطاقة النووية في حال إغلاق أعداد كبيرة من المفاعلات دفعة واحدة، وقد أظهرت النماذج في الولايات المتحدة أنه في حال تقاعد المفاعلات النووية في وقت واحد، يجب أن تنمو الطاقة المتجددة بنسبة تزيد عن 400% لتعويض الفاقد.
وذلك يعكس أهمية التوازن بين تطوير مصادر طاقة جديدة وبين المحافظة على محطات الطاقة النووية العاملة حاليًا، خاصة أنها تُعد من أهم مصادر الطاقة الخالية من الكربون.
تشير التجربة الكورية إلى إدارة مدروسة لنهاية المفاعل النووي، حيث أُغلق مفاعل “كوري-4” رسميًا بعد 40 عامًا من الخدمة، رغم أنه لا يعاني من مشاكل تقنية، وذلك التزامًا بالقوانين الحالية.
أما في الولايات المتحدة، فتُدرس ملفات 20 مفاعلًا تخطط أو تنوي العمل لمدة تصل إلى 80 عامًا، ضمن سياسة واضحة لتمديد تشغيل المفاعلات التي لا تزال صالحة، ما يساهم في الحفاظ على الطاقة النووية كجزء من مزيج الطاقة الوطني.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي يكتشف 5 بدائل واعدة لبطاريات الليثيوم