logo alelm
لغز عمره 9 ملايين عام.. كيف وُلدت البطاطس من الطماطم؟

كشفت دراسة جينية حديثة أن البطاطس، وهي أحد أهم المحاصيل الغذائية في العالم، لم تتطور بشكل مستقل، بل هي نتاج حدث تهجين طبيعي (تزاوج) وقع قبل حوالي 9 ملايين سنة بين سلف قديم للطماطم ونوع آخر من النباتات البرية. هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة “Cell”، لا يحل فقط لغزًا تطوريًا حير العلماء طويلًا، بل يوضح كيف يمكن لعمليات التهجين أن تخلق سمات جديدة تمامًا لم تكن موجودة لدى الآباء، مثل الدرنات التي تميز البطاطس.

جينوم البطاطس يكشف عن أصل مزدوج

للتوصل إلى هذه النتيجة، قام فريق من الباحثين بتحليل الجينوم الكامل لـ 128 نباتًا، بما في ذلك أنواع مختلفة من الطماطم والبطاطس وسلالة ثالثة قريبة. كشف التحليل أن الحمض النووي للبطاطس عبارة عن مزيج متساوٍ، حيث ورث نصف جيناته من سلالة الطماطم القديمة والنصف الآخر من سلالة نباتية أخرى تُعرف بـ “إيتيوبيروسوم”.

ويشير هذا الاكتشاف إلى أن أصل البطاطس يعود إلى حدث تهجين طبيعي وقع قبل ما بين 8 إلى 9 ملايين سنة. وكان هذا التزاوج ممكنًا لأن السلالتين الأبوين، رغم تطورهما بشكل مستقل لملايين السنين، كانتا لا تزالان تشتركان في سلف مشترك عاش قبل حوالي 13 إلى 14 مليون سنة، مما جعلهما متوافقتين وراثيًا بما يكفي لإنتاج هجين خصب.

الابتكار الثوري الذي صنع البطاطس

لم يكن نتاج هذا التزاوج مجرد نبات هجين، بل كان ابتكارًا تطوريًا غيّر قواعد اللعبة: الدرنات. فالدرنات، وهي الأعضاء المنتفخة تحت الأرض التي تعمل كمخازن للمياه والمغذيات، لم تكن موجودة في أي من السلالتين الأبوين، ولم تظهر فيهما أبدًا منذ ذلك الحين.

وقد تمكنت الدراسة من تحديد “الوصفة الجينية” الدقيقة التي أدت إلى ظهور هذه السمة الجديدة. فقد ورثت البطاطس جينًا يُدعى “IT1” من سلفها “الإيتيوبيروسوم”، وهو المسؤول عن تكوين الدرنات. وفي الوقت نفسه، ورثت جينًا آخر هو “SP6A” من سلفها “الطماطم”، لكن هذا الجين تطور داخل البطاطس ليؤدي وظيفة جديدة تمامًا، وهي العمل كمفتاح تشغيل يحدد التوقيت المناسب لإنتاج الدرنات.

وتزامن ظهور هذا النبات الهجين المبتكر مع فترة جيولوجية حاسمة شهدت ارتفاعًا سريعًا لجبال الأنديز، مما خلق بيئات جديدة باردة وجافة على ارتفاعات شاهقة. وقد منحت الدرنات نباتات البطاطس ميزة بقاء هائلة في هذه الموائل القاسية، حيث سمحت لها بتخزين المياه والعناصر الغذائية اللازمة للصمود في ظروف لم يتمكن أسلافها من تحملها.

هذه القدرة على التكيف لم تسمح للبطاطس بالتوسع جغرافيًا فحسب، بل خلقت أيضًا حاجزًا طبيعيًا منعها من التزاوج مجددًا مع السلالات الأبوية، مما سمح لها بالتطور كسلالة جديدة ومستقلة تمامًا. وكما قال أحد مؤلفي الدراسة، فإن “تطوير الدرنة أعطى البطاطس ميزة هائلة، مما أدى إلى انفجار في أنواعها الجديدة وساهم في التنوع الغني الذي نعتمد عليه اليوم”.

اقرأ أيضًا:
أغرب رحلات الهجرة في عالم الحيوان

بالصور.. أغرب الأجسام في الكون

أغرب اللقطات من أولمبياد باريس 2024

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

هل يمتلك ترامب الإرادة السياسية لإنهاء أزمة الجوع في غزة

المقالة التالية

أمريكا تتهم الهند بدعم روسيا في الحرب الأوكرانية