في لحظة خاطفة، يظهر حيوان مفترس ضخم من بين الأشجار، مكسوًّا بفراء مرقّش ببقع سوداء فوق خلفية ذهبية. قد تظنه فهدًا، وقد يكون يغورًا. لكن التفرقة بين الفهد واليغور ليست دومًا سهلة، لا في الشكل ولا في الطباع. ومع ذلك، فهما نوعان مختلفان تمامًا — جغرافيًا وتاريخيًا وسلوكيًا.
الفهود (Leopards) واليغاور (Jaguars) ينتميان إلى جنس Panthera، الذي يضم أيضًا الأسود والنمور والفهود الثلجية. لكن لكلٍّ منهما خط تطور مستقل منذ أكثر من مليوني عام.
اليغور يعيش اليوم في الأمريكيتين، من المكسيك حتى الأمازون. بينما الفهد ينتشر في إفريقيا وأجزاء من الشرق الأوسط وآسيا، ويتنوع إلى 8 سلالات إقليمية. ورغم التشابه الكبير في الشكل، فإن أقرب أقرباء الفهد هو الأسد—not اليغور.
الفراء المرقط من أكثر السمات المشتركة بينهما، لكن التفاصيل تكشف الفارق:
هذا التشابه يعود جزئيًا إلى سلف مشترك، لكنه أيضًا نتيجة تطور متقارب: كلا الحيوانين يعيش في مناطق كثيفة النباتات ويعتمد على التمويه للانقضاض على فريسته.
عندما نقارن بين الفهد واليغور من حيث البنية والسلوك، تبرز فروقات جوهرية. فالفهد عادةً ما يكون أخف وزنًا، حيث لا يتجاوز وزنه 80 كغم، في حين أن اليغور قد يصل وزنه إلى 120 كغم، ما يجعله أكثر امتلاءً في الصدر والرأس. هذا التكوين يمنح اليغور قوة عضّ استثنائية، تمكنه من قتل فريسته بعضّة مباشرة في الجمجمة، وهو أمر نادر في عالم القطط الكبيرة. في المقابل، يعتمد الفهد على الخنق أو عضّ الرقبة لإسقاط فريسته.
الفهد كذلك يُعرف بقدرته العالية على التسلق، وغالبًا ما يقضي وقتًا طويلًا في الأشجار، حيث يقوم بتخزين فرائسه لحمايتها من المنافسين. بينما يمكن لليغور أن يتسلق أيضًا، إلا أنه يقضي وقتًا أقل بكثير في الأعالي، مفضّلًا الصيد والانقضاض من على الأرض.
حتى الذيل يختلف بينهما: ذيل الفهد أطول، يساعده على الحفاظ على التوازن أثناء التنقل في الأشجار، بينما يمتلك اليغور ذيلًا أقصر، أكثر ملاءمة لحركته الأرضية ولبنيته القوية. بنية اليغور الضخمة وعضلاته القوية تجعله “العضلات المفتولة” لعائلة Panthera، حيث يمتلك واحدة من أقوى العضّات بين جميع القطط، تمكنه من اختراق أصداف السلاحف وحتى جماجم الحيوانات الكبيرة.
اللون الأسود اللامع الذي نراه أحيانًا عند هذه الحيوانات ليس نوعًا مختلفًا، بل حالة تُعرف باسم التحول الميلانيني (Melanism). تحدث نتيجة طفرة جينية وتظهر غالبًا في الغابات الكثيفة حيث يكون الظلام سيد المكان.
ورغم جمال هذه الحيوانات النادرة، فهي أكثر عُرضة للخطر من الأنواع الأخرى، كونها نادرة ومطلوبة بشدة في الأسواق غير الشرعية.
كلا النوعين يواجهان مستقبلًا غير مضمون. فقد أسهم تدمير المواطن الطبيعية، والصيد الجائر، وتجارة الحياة البرية، في تراجع أعداد الفهود واليغاور حول العالم. لكن كما تشير الباحثة أليسون ديفلين من منظمة Panthera: “إذا توفّر لها الموطن والطعام والحماية، فبإمكانها أن تبقى وتزدهر.”