أعاد البنتاغون، اليوم الجمعة، توصية إلى البيت الأبيض تسمح بتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك طويلة المدى بعد أن خلص تقييمه إلى أن ذلك لن يضعف مخزون الولايات المتحدة، لكن القرار السياسي النهائي بقي بيد الرئيس دونالد ترامب، حسبما أفاد ثلاثة مسؤولين أميركيين وأوروبيين مطلعين على الملف.
كان ترامب قد عبر سابقًا خلال لقاء عمل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه يفضل عدم تسليم هذه الصواريخ لأنّ الولايات المتحدة “بحاجة” إليها لحماية أمنها. ومع ذلك، قدمت هيئة الأركان المشتركة لترامب قبل اللقاء تقييمًا مفاده أن إمداد كييف بتوماهوك لن يضر بالإمدادات الأمريكية. وتُقدَّر قدرة الصاروخ على الوصول بنحو 1600 كيلومتر.
وأدى هذا التقييم إلى زيادة ثقة الحلفاء الأوروبيين بأن المبررات الأمريكية لحرمان أوكرانيا من قدرات بعيدة المدى باتت أقل قوة. وفي سياق متصل، صرّح ترامب قبل أيام من لقاء زيلينسكي أن لدى الولايات المتحدة “وفرة” من صواريخ توماهوك قد تُمنح لأوكرانيا، لكنه تراجع لاحقًا بطريقة أثارت دهشة بعض المسؤولين.
وخلال غداء العمل في البيت الأبيض أعلن ترامب علنًا الحاجة إلى هذه الصواريخ، لكنه أبلغ زيلينسكي في محادثة خاصة أن الولايات المتحدة لن تسلمها في الوقت الراهن. وجاء هذا القرار بعد اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي حذّر —بحسب تقارير— من أن لصواريخ توماهوك القدرة على ضرب مدن روسية كبرى وأن تسليمها قد يؤثر سلبًا على العلاقات بين البلدين دون أن يغير كثيرًا من خطوط القتال.
وأفادت تقارير سابقة بأن إدارة ترامب لم تستبعد نهائيًا خيار التسليم، وأنها أعدت خططًا لتسليم الصواريخ بسرعة إذا صدر الأمر بذلك. وفي تطور منفصل، بدا أن إحباط ترامب من تعثر مبادرات السلام مع موسكو قد دفعه للموافقة على فرض عقوبات أميركية جديدة على شركات نفط روسية، وأدى إلى إلغاء مؤقت لاجتماع كان مقرّرًا مع بوتين في بودابست.
عقبات أمام تشغيل أوكرانيا لصواريخ توماهوك
من الناحية العملية، لا يعبأ البنتاغون كثيرًا بمخزون الصواريخ، لكن مسؤولين في الدفاع أكدوا أن هناك قضايا فنية ولوجستية يجب حلّها قبل أن تتمكن أوكرانيا من تشغيل هذه الأنظمة بفعالية. ويُعد أهم سؤال يواجه القادة هو كيف ستطلق أوكرانيا هذه الأسلحة، إذ تُطلق توماهوك عادةً من سفن وسفن غاطسة، بينما تفتقر البحرية الأوكرانية إلى القدرة اللازمة، ما يجعل الإطلاق من البر خيارًا مرجحًا. وطور عناصر من مشاة البحرية والجيش الأمريكي منصات إطلاق برية يمكن توفيرها لأوكرانيا.
وحتى لو امتنعت واشنطن عن تزويد منصات الإطلاق، يعتقد مسؤولون أوروبيون أن كييف قد تجد حلولًا بديلة بنفسها؛ فقد سبق للمهندسين الأوكرانيين أن نجحوا في تكييف صواريخ “ستورم شادو” البريطانية للعمل على طائرات مقاتلة قديمة من الطراز السوفيتي، ما يعكس قدرة الابتكار المحلية في مواجهة القيود الفنية. ومن جهته، غرد زيلينسكي على منصة X هذا الأسبوع بأن أوكرانيا تسعى إلى تعزيز قدراتها بعيدة المدى قبل نهاية العام بهدف دفع الحرب نحو تسوية “عادلة” لصالح بلاده، مشددًا على ضرورة استكمال أهداف الضربات العميقة ضمن إطار زمني محدد لزيادة تأثير العقوبات والضغط الدولي.












