
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الجمعة، إرسال مجموعة حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى منطقة البحر الكاريبي، ضمن تحرك عسكري واسع قالت واشنطن إنه يهدف إلى “مكافحة أنشطة التهريب غير المشروعة”، بينما يرى مراقبون أنه إشارة واضحة لاستعراض القوة في وجه فنزويلا وحلفائها.
ويضيف التحرك الجديد الحاملة العملاقة إلى قوة بحرية أمريكية موجودة بالفعل في المنطقة، تضم ثماني سفن حربية وغواصة نووية وعددًا من الطائرات المقاتلة من طراز “إف-35″، في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكية-الفنزويلية توترًا متصاعدًا منذ أشهر.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، إن “تعزيز الوجود العسكري في نطاق القيادة الجنوبية يهدف إلى تطوير القدرات الأمريكية على تعقّب الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود، التي تهدد أمن وازدهار الولايات المتحدة ودول نصف الكرة الغربي”. ولم يحدد موعدًا دقيقًا لوصول الحاملة، التي كانت قبل أيام في طريقها عبر مضيق جبل طارق.
وتُعد جيرالد فورد أحدث وأضخم حاملة طائرات أمريكية، إذ دخلت الخدمة عام 2017 وتضم أكثر من خمسة آلاف فرد من الطاقم، وتستطيع حمل أكثر من 75 طائرة مقاتلة، بينها “إف-18 سوبر هورنت” و”إي-2 هوك آي”، كما زُوّدت برادارات وأنظمة صاروخية متطورة للدفاع الجوي والبحري. وخلال الأسابيع الماضية، نفّذ الجيش الأمريكي عشر ضربات جوية ضد أهداف بحرية يُشتبه في تورطها بعمليات تهريب مخدرات في الكاريبي، أسفرت وفق وزارة الدفاع عن مقتل نحو 40 شخصًا، معظمهم فنزويليون، دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية.
في المقابل، اتهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو واشنطن بمحاولة الإطاحة به، محذرًا من “انتفاضة وطنية” إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على أي تدخل عسكري مباشر، ومتوعدًا بإضراب عام ومظاهرات مسلحة في أنحاء البلاد. وكانت واشنطن قد رفعت قبل أسابيع مكافأة الإبلاغ عن مادورو إلى خمسين مليون دولار، بتهم تتعلق بتهريب المخدرات، وهو ما ينفيه الأخير.
كما اتسعت دائرة التوتر لتشمل كولومبيا، إذ هاجم ترامب نظيره الكولومبي غوستافو بيترو، واصفًا إياه بأنه “زعيم تجارة المخدرات”، وهي تصريحات أثارت استياء الحكومة الكولومبية التي اعتبرتها مهينة. وأشار بارنيل إلى أن “القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة ستعمل على تطوير عمليات تعطيل شبكات التهريب والجريمة المنظمة”، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تأتي ضمن استراتيجية موسعة لردع ما وصفه بـ”التهديدات العابرة للقارات”.
وفي تطور آخر، أعلنت إدارة ترامب عقب نشر الحاملة بساعات عن فرض عقوبات جديدة على شركة مرتبطة بالرئيس الكولومبي، استنادًا إلى شبهات تتعلق بتجارة المخدرات. وقال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث إن الولايات المتحدة أبلغت الكونغرس بخططها لتكثيف عملياتها ضد عصابات التهريب، مؤكدًا أن الضربات الأخيرة “استهدفت إرهابيي المخدرات” في البحر الكاريبي وأسفرت عن مقتل ستة مشتبه بهم.
وأثارت هذه العمليات انتقادات داخل الكونغرس، حيث حذر نواب ديمقراطيون من تجاوزها حدود القانون الدولي، بينما أشاد بها عدد من الجمهوريين، مؤكدين دعمهم لخطط ترامب في “حماية الأمن القومي الأمريكي في نصف الكرة الغربي”. وفي وقت سابق هذا الشهر، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر مطلعة نجاة شخصين يُعتقد أنهما من مهربي المخدرات بعد استهداف سفينتهما في غارة أمريكية، قبل أن يتم احتجازهما ونقلهما إلى سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية ثم تسليمهما إلى بلديهما كولومبيا والإكوادور.
وبالنظر إلى أن البحرية الأمريكية تمتلك 11 حاملة طائرات فقط، فإن تخصيص واحدة للانتشار في أمريكا الجنوبية يُعد مؤشرًا على أهمية التحرك بالنسبة لإدارة ترامب، خاصة أن عمليات النشر السابقة في المنطقة كانت لأغراض تدريبية، مثل إرسال جورج واشنطن العام الماضي. وتضم مجموعة جيرالد فورد المرافقة عددًا من السفن القتالية، أبرزها الطراد نورماندي والمدمرات توماس هودنر وراماج وكارني وروزفلت، والمجهزة بأنظمة دفاعية متقدمة قادرة على تنفيذ عمليات جوية وبحرية وتحت سطح البحر.
في سياق متصل، انتقد الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بشدة، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب إعلانها فرض عقوبات عليه وعلى عدد من المقربين منه، واصفًا القرار بأنه “ظالم ومليء بالمفارقات”. وجاءت العقوبات التي كشفت عنها وزارة الخزانة الأمريكية لتشمل بيترو وزوجته فيرونيكا ألكوسير، وابنه نيكولاس بيترو، إلى جانب وزير الداخلية أرماندو بينيديتي، في خطوة تُعد تصعيدًا غير مسبوق في العلاقات بين واشنطن وبوغوتا، الحليفتين السابقتين في المنطقة.
واتهمت الإدارة الأمريكية بيترو وحكومته بالتساهل مع شبكات تهريب المخدرات، وقال ترامب في تصريح له إن الرئيس الكولومبي “سمح لعصابات الجريمة المنظمة بالازدهار”، معتبرًا أن هذه الإجراءات تأتي في إطار “حماية الشعب الأمريكي من تدفق السموم القادمة من الجنوب”. من جانبه، ردّ بيترو عبر حسابه الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي قائلًا إن “كولومبيا لن تنحني ولن تتراجع أمام أي ضغوط”، مضيفًا أن القرار الأمريكي “يكشف عن تناقضات أخلاقية وسياسية فاضحة”.
اقرأ أيضًا:
ترامب يربك أسواق النفط بعقوبات جديدة على روسيا
لماذا يسعى ترامب لتقويض هيمنة الصين على المعادن النادرة؟
بأمر ترامب.. هدم جزء من البيت الأبيض لبناء قاعة رقص